وتعارضها مع أصالة الاشتغال لو كانت شرعيّة ، بمعنى : دلالة الأخبار على وجوب الاحتياط في مورده بالوجوب الظّاهري الشّرعي لا الإرشادي النّاظر إلى حكم العقل به من باب دفع الضّرر المحتمل ؛ فإنّه لا إشكال في ورود ما عرفت : من أخبار البراءة عليه على تقدير اجتماع أصالة البراءة مع أصالة الاشتغال كما هو واضح.
نعم ، قضيّة التّحقيق عندنا ، عدم اجتماعهما موردا ؛ لأنّ مجرى الاشتغال عندنا هو ما إذا ثبت التّكليف بالبيان المعتبر بمعنى تنجّز الخطاب بالواقع المجهول ولم يكن ثمّة قدر متيقّن كما في الأقلّ والأكثر ومورد البراءة ما لم يكن كذلك. وأمّا القول : بأنّ مراده ( دام ظلّه ) من عدم التّعارض أعمّ من أن يكون من جهة عدم الاجتماع الموردي.
ففيه : ما لا يخفى على المتدبّر الفطن ، [ فافهم ](١).
ثمّ إنّ الكلام في تعارض الاستصحاب : قد يقع في تعارضه مع غيره من الأصول العمليّة ، وقد يقع في تعارضه مع نفسه ، بمعنى : تعارض فردين منه. والمراد بالتّعارض : أعمّ من التّعارض الحقيقي ؛ ضرورة خروج الورود والحكومة من أقسام التّعارض كما هو واضح. مضافا إلى ما ستقف على تفصيل القول فيه في الجزء الرّابع من التّعليقة إن شاء الله ولمّا كانت الأصول منحصرة عند الأستاذ العلّامة في الأربعة فلا محالة انحصر التّكلّم في ثلاث مقامات :
__________________
(١) أثبتناه من الحاشية القديمة ـ البحر القديم ـ ٥٢٤.
وبه تنتهي النسخة المخطوطة من الحاشية الصغيرة ـ على لسان بعض ـ أو البحر القديم بتعبيرنا ، المصوّرة من مكتبة الفاضلي بخوانسار ، والحمد لله ربّ العالمين.