ولكنّك خبير بأنّ هذا التّوجيه أيضا لا يخلو من المناقشة ؛ لأنّ الحكم بعدم كون الذّيل تعليلا لمفهوم الصّدر ممّا لا معنى له بعد ظهور الكلام في المفهوم ؛ فإنّ الظّاهر أنّه أراد بيان العلّة لجميع ما حكم به في الرّواية لا لبعضه ، وبالجملة : هذا التّوجيه وإن كان مستقيما على تقدير تماميّته ، إلّا أنّه خلاف ظاهر الرّواية ، فيتوقّف ارتكابه على شاهد من الخارج يشهد عليه.
ثالثها : ما أفاده ( دام ظلّه ) أيضا في مجلس البحث وفي « الكتاب » : من جعل الوضوء في نظر الشارع أمرا بسيطا ـ باعتبار وحدة مسبّبه ـ لا تركيب فيه أصلا ، حتّى يصدق مفهوم التّعليل على الشّك في غسل عضو من الأعضاء ، ويلزم من الالتزام بعدم ثبوت حكمه فيه بالإجماع المحذور الظّاهر اللّزوم على تقدير تسليم التّركيب عند الشارع على ما عرفت تفصيل القول فيه ، وهذا ليس تخصيصا في الشّيء ، ولا في الغير ، ولا ارتكاب مجاز فيهما ولا في غيرهما.
وإن كنّا لو خلّينا وأنفسنا حاكمين بكون الوضوء مركّبا في نظر الشّارع من شرائط وأجزاء كالصّلاة وغيرها ـ حسبما ظهر لنا في أنظارنا : من جهة قصورها ـ فهذا نظير ما حكم به جماعة في الشّك في الكلمات وأجزائها بعد الدّخول في غيرها ، بل في الشّك في الآية بعد الدّخول في غيرها ، بل في الشّك في الحمد بعد الدّخول في السّورة.
كما يظهر من بعض الأصحاب : من أنّ الشّك في القراءة قبل الدّخول في الرّكوع يلتفت إليه ، معلّلين ذلك : بأنّ هذه الأمور في نظر الشّارع بسيطة وإن كانت في نظرنا مركّبة من أفعال ، وإن كان ما ذكروه في محلّ التّأمّل ، بل المنع ؛ نظرا إلى عدم الدّاعي إلى هذا الكلام بعد القول من جماعة كثيرة بجريان القاعدة بالنّسبة