الأصليّة ؛ لما عرفت : أنّ مرادهم من البراءة ثمّة هو عدم التّكليف ، لا حكم العقل بقبحه أو المؤاخذة عليها ، كما هي المراد من البراءة في المقام وإن أمكنت الخدشة فيما ذكروه ثمّة أيضا من غير الجهة المذكورة ، كعدم العلم ببقاء الموضوع ، وكون المقصود من استصحاب عدم التّكليف وإثباته هو نفي المؤاخذة ، وهو ليس من أحكامه إلى غير ذلك ، لكن لا تعلّق له بمحلّ البحث كما لا يخفى.
ومنه يعلم : أنّ البراءة الممنوعة استصحابها من جهة كونها حكما عقليّا إنّما هو نفي المؤاخذة ليس إلّا ، فيمكن أن يقال حينئذ : إنّ المراد بالبراءة عندهم في الأصول والفروع هو عدم التّكليف وخلوّ الذّمة واقعا ، فلا يتوجّه عليهم ما ذكرنا وإن توجّه عليهم الإيرادان الأخيران ، ولعلّه الظّاهر من كلماتهم في موارد استعمال استصحاب البراءة ، وهذا وإن لم يكن جاريا أيضا إذا كان المقصود به إثبات عدم المؤاخذة ، إلّا أنّ وجه المنع فيه ليس كونه استصحابا في الأحكام العقليّة ، بل ما عرفت : من عدم كون المؤاخذة من الآثار المترتّبة على عدم التّكليف واقعا فافهم.