لكنه لا يختصّ بالاشتراك ، بل الإضمار أيضاً هكذا ، فإنّه ما لم يقم قرينة على تعيين المضمر ، من عقل ، أو نقل ، أو حال ، أو مقال ، فهو أيضاً مجمل كالمشترك ما لم يقم عليه قرينة التعيين ، وإن ادعى عموم الإجمال بالنسبة إلى جميع صور إطلاق المشترك حتّى إذا قام قرينة التعيين واختصاصه في الإضمار ما لم يقم قرينة التعيين ، فهذا ممّا نقطع بعدم إرادته ممّن دونه في الفضل والكمال ، فكيف به ( قدّس سرّه ) .
والحاصل ، انّه لا فرق بين الاشتراك والإضمار في اختصاص الأصل فيهما بصورة عدم قيام قرينة التعيين ، وارتفاعه عنهما فيما قامت تلك القرينة .
وكيف كان ، فالصواب أن يجعل المرجع والمآب في الباب أحد الأمرين على سبيل منع الخلوّ ، وهما الاصول والغلبة ، لا الرجوع إلى الوجوه الآتية ، فإنّها لا تفيد ترجيح إرادة المعنى الفلاني عند المتكلم .
فنقول : أما الاصول ـ على ما اختاره المحقّق القمي (١) رحمه الله ـ فمقتضاها التوقف ، إذ كل من الاشتراك والإضمار خلاف الأصل ، فيتعارضان ولا ترجيح ، فيجب التوقف .
وربّما يناقش في الثاني ـ أعني أصالة عدم الإضمار ـ بأنّ الاضمار عدم الذكر ، فهو موافق للأصل ، فلا وجه لجعله مخالفاً له .
وجوابه يظهر ممّا قدّمناه من الوجهين ، لكونه مخالفاً للأصل .
وكيف كان فالأظهر تقديم الإضمار على الاشتراك ، إذ الشك فيه مسبّب عن الشك في الاشتراك ، فبأصالة عدمه يثبت اتحاد المعنى ، فيتعيّن الإضمار ، فأصالة عدم الاشتراك مزيل لأصالة عدم الإضمار .
وأمّا الغلبة ، فهي أيضاً تقتضي تقديم الإضمار ، لأنّ المرجع حقيقة إلى الدوران بين اتحاد المعنى وتعدّده ، ولا ريب أنّ الغالب هو الاتحاد ، فيثبت بها اختصاص كلمة ( في ) مثلاً بالظرفية إذ المفروض كون وضعها لها متيقّناً .
تنبيه : إعلم أنّه إذا وقع التعارض بين أصل من الاصول الجارية في تشخيص الظواهر ، كأصالة عدم النقل ، وأصالة عدم الاشتراك ، وبين أصل من الاصول الجارية في
___________________________
(١) في القوانين : ٣٢ .