الاعتبار المذكور. ومجرد أمره بها لا يوجب اختراع اسم لها ، مع أنّ باب المجاز واسع. وعلى كلّ حال فلو وصلت النوبة إلى الشك فالأصل مع المنكرين حتى بالنسبة إلى الاستعمالات العربية قبل الشارع ، لإمكان أنّهم لم يستعملوا هذه الالفاظ في هذه الماهيات إلاّ بالعناية.
ويترتب على هذا الأصل المعبّر عنه بأصالة عدم الوضع أو عدم النقل أنّه لو وردت مجردة عن القرينة في كلام الشارع ، ولم يكن المراد معلوما لنا ، يكون اللازم هو حملها على المعاني الأصليّة ، ويكون ترتب هذا الأثر أعني لزوم حملها على المعاني الأصلية على ذلك الاستعمال المقارن لعدم النقل ، من قبيل الترتب على الموضوع المركب من جزءين : أحدهما وهو الاستعمال محرز بالوجدان والآخر وهو عدم النقل محرز بالأصل ، سواء قلنا إنّ التركب من قبيل الاقتران في وعاء الزمان أو قلنا إنّه تقييدي ، أمّا الأول فواضح ، وأمّا على الثاني ، فلأنّ عدم النقل وإن أخذناه في المستعمل على نحو مفاد ليس الناقصة ، فهو أعني مفاد ليس الناقصة ثابت باستصحاب حال ذلك المستعمل وأنّه لم يصدر عنه النقل المذكور.
ومن ذلك يظهر لك الحال فيما لو علم كلّ من النقل والاستعمال ولم يعلم المقدّم منهما ، فإنّ استصحاب عدم النقل إلى حين الاستعمال قاض بالحمل على المعاني الأصلية ، ولا تعارضه أصالة عدم الاستعمال قبل النقل ، إذ لا يترتب عليها الأثر إلاّ بلازمها وهو وقوع الاستعمال بعد النقل.
ومن ذلك يظهر لك التأمل فيما أفاده في الكفاية بقوله : وأصالة عدم النقل إنّما كانت معتبرة فيما إذا شك في أصل النقل لا في تأخره ، فتأمل (١). فإنّ الشك فيما نحن فيه وإن كان في تأخّر النقل ، إلاّ أنّه لمّا كان مشكوك
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٢.