الوجود قبل الاستعمال ، كان الشك من هذه الجهة بالنسبة إلى تلك القطعة من الزمان شكا في حدوث النقل فتجري فيه أصالة العدم ، وهي بضميمة الاستعمال كافية في الحكم بإرادة المعنى الأصلي.
وأمّا ما أفاده بقوله : ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك فكأنّه تكملة لقوله : لا دليل على اعتبارها تعبدا إلاّ على القول بالأصل المثبت ، فإنّ أصالة تأخّر الاستعمال إلى ما بعد النقل لا بد من إرجاعها إلى أصالة عدم الاستعمال قبل النقل ، وحينئذ لا يترتب عليها الأثر المطلوب وهو الحكم بأنّ المراد هو المعاني الجديدة إلاّ بلازمه وهو تأخّر ذلك الاستعمال عن النقل ، وليس التأخّر بنفسه من الاصول العقلائية كي يدفع به إشكال المثبتية ، إذ لم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك ، وإنّما جل ما عندهم هو أصالة العدم ، وقد عرفت أنّها في طرف الاستعمال قبل النقل مثبتة ، ومقتضى ذلك أنّ الجاري هو أصالة العدم في طرف النقل فيقال : إنّ الأصل عدمه إلى ما بعد الاستعمال ، وهذا الأصل لا غبار عليه ، وقد عرفت أنّه يترتب عليه الحكم بأنّ المتكلّم أراد المعاني القديمة ، إلاّ أنّه قدسسره أشكل عليه بقوله : وأصالة عدم النقل ، إلخ. وقد عرفت اندفاع هذا الاشكال ، ولعلّه إليه أشار بقوله : فتأمل ، أو لعلّه إشارة إلى عدم جريان الاصول ولو العدمية في موارد العلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ، لعدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، نظير الاستصحاب في موت المتوارثين ، ونظيره في تعاقب الحالتين من الطهارة والحدث أو الطهارة والخبث كما شرحه في مباحث الاستصحاب في موارد الشك في التقدم والتأخر (١) ، ولعلّ هذا هو الأولى في تفسير وجه التأمل في كلامه قدسسره
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤١٩ ـ ٤٢٢ / التنبيه الحادي عشر.