فالانسان جسم ، فقد حقق في محله أنّ مجرد التطبيق لا واقعية له ، وليس هو إلاّ لقلقة لسان ، فلا تدخل في البرهان ، ولا يصاغ منه الشكل الأول إلاّ صوريّا من مجرد التعبير اللفظي الذي لا أثر له ، فلا تدخل في المطالب الاستدلالية ولو لمثل إثبات ذاتية العرض أو غرابته.
ثم بعد ذلك ننقل الكلام إلى تقسيمهم العرض إلى الذاتي والغريب باعتبار كون العرض عارضا للذات ، وكونه عارضا بواسطة الجزء المساوي ، أو الجزء الأعم ، أو الخارج المساوي ، فيكون عرضا ذاتيا ، أو كونه عارضا بواسطة الخارج الأعم ، أو بواسطة الخارج الأخص ، أو بواسطة الخارج المباين ، فيكون غريبا.
ونقول : إن بعضهم قال : الواسطة في هذا التقسيم هي الواسطة في العروض. وهو ما يظهر من الفصول (١) والبدائع (٢) والمرحوم الشيخ عبد الهادي شليلة في شرح المنظومة المنطقية (٣).
لا يقال : إنّ هذه الوسائط أعني الجزء بقسميه ، والخارج بأقسامه الثلاثة أعني المساوي والأعم والأخص ، وإن كانت هي في الواقع عللا ووسائط في الثبوت ، إلاّ أنها مع ذلك وسائط في الحمل ، لأنك تقول : الانسان ناطق وكل ناطق مدرك فيكون الانسان مدركا ، وحينئذ تنطبق عليها الواسطة في العروض بناء على ما تقدم في تعريفها من أنّها الواسطة في الحمل.
لأنّا نقول : إنّ منشأ هذا الحمل هو العلّية ، وذلك هو الذي صحّح فيه
__________________
(١) الفصول الغروية : ١٠.
(٢) بدائع الأفكار للمحقق الرشتي قدسسره : ٢٧ وما بعدها.
(٣) منتقى الجمان في شرح لؤلؤة الميزان : ٢٠.