والذي ينبغي هو تقديم مقدمة لفهم ما يرومه شارح المطالع : وهي أنّك تراهم يقولون في مقام تقسيم العرض : عارض الشيء لذاته ، عارض [ الشيء ](١) لجزئه المساوي ، عارض الشيء لجزئه الأعم إلخ ، فقولهم عارض الشيء لذاته لا يريدون به إلاّ أن الذات علة في عروض ذلك العرض عليها ، والذي ينبغي هو أن البواقي على هذا النمط ، فيكون المراد من قولهم : عارض الشيء لجزئه ، أنّ الجزء يكون علة في عروض ذلك العارض على ذلك الشيء ، وهكذا البواقي ، فلا يكون الجزء والخارج المساوي أو الأعم إلاّ علة في العروض ، فلا تكون هذه الوسائط إلاّ عللا فلا تكون إلاّ وسائط في الثبوت.
وأمّا تعبير البعض بالواسطة في العروض ، فهو على حدّ قولهم واسطة في الثبوت ، وقولهم واسطة في الاثبات ، في كون الواسطة في الأول علة في الثبوت ، وفي الثاني علة في الاثبات. فالذي ينبغي أن يكون المراد بقولهم واسطة في العروض ، أنّها علة في العروض ، فلا تكون إلاّ واسطة وعلّة في الثبوت ، فلا يحسن جعلها في قبالها ، واللازم هو جعل الواسطة على قسمين : واسطة في الثبوت وواسطة في الاثبات.
إذا عرفت هذه المقدّمة ، فاعلم أنّ الظاهر من شرح المطالع هو هذا المعنى ، أعني جعل قسمة الواسطة ثنائية ، وإرجاع الواسطة في العروض إلى الواسطة في الثبوت ، فإنّه قال في شرح المطالع في مقام الاشكال على من عدّ العارض بالواسطة المباينة من الأعراض الغريبة :
فإن قيل نحن نقسّم العرض هكذا : العرض إمّا أن يلحق الشيء
__________________
(١) [ ليس في الأصل وإنما أضفناه للمناسبة ].