ذلك المخترع البسيط لكنه كان بالغريزة التي أودعها فيه خالقه وخالق الكون ومدبّر الأمر على أتمّ ما يكون صنع الله الذي أتقن كل مكوّن وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى ، وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال والشجر بيوتا ... إلخ ، فكان نظامها في تعيّشها وتناسلها وجميع شئونها ممّا تعجز عنه القوانين المجعولة من البشر لعالم الاجتماع ، ولعلّ قائلا يقول : مع قطع النظر عن مقام النبوة يمكننا تنزيل قوله تعالى ( وعلّم آدم الأسماء )(١) على هذه الطريقة.
وعلى أيّ حال نحن بعد أن عرفنا هذه الطريقة ، نعرف أنّه لا واقعية للاشتقاق ولا للتركب من المادة والهيئة ، فيسهل القول حينئذ علينا بأنّ مفهوم المشتق بسيط وإن حللناه عقلا إلى مركب ، حتى في مثل ضرب في قولنا : زيد ضرب ، فإنّها لا تدل إلاّ على حركة الضرب وخروجه من القوة إلى الفعل ، وذلك أمر بسيط ، لكن الاصطلاح ابتدع له ضميرا مستترا وجعله مركبا من حدث ونسبة ومنسوب إليه ، وهكذا الحال في قولنا : زيد ضارب. ومن الواضح أنه لا محيص عن التركيب بعد التقييد بهذه القيود ، وأنّ المادة موضوعة بوضع مستقل للحدث ، وكذلك الهيئة موضوعة بوضع مستقل للنسبة المتقوّمة بين ذلك الحدث وتلك الذات ، فلا محيص عن القول بالتركيب.
ويمكننا القول بأنّ الالتزام بهذه الامور مع الالتزام ببساطة المشتق من التناقض الذي لا مدفع له ، وكلما كثرت الأجوبة في دفع هذا الاشكال كان ذلك تأكيدا للاشكال لا أنّه دافع له ، فلاحظ الأجوبة حتى مثل قولهم : إنّ
__________________
(١) البقرة ٢ : ٣١.