الخاص بأيّ هيئة تلبّست ، فيشمل ذلك قولنا ضرب وضارب ويضرب إلى آخر جميع المشتقات في هذه المادة.
ومن ذلك تعرف أنّ الأصل في الاشتقاق هو المادة ، فإنّ الهيئات طارئة عليها فتكون هي الأصل. ولكن يمكن أن يقال : على هذا الحساب إنّ هيئة فاعل هي الأصل لجميع المواد الطارئة عليها أعني ضارب وشارب وعالم إلى غير ذلك من أسماء الفاعلين ، وهكذا الحال في أسماء المفعولين وجميع الهيئات. وهذه المعارضة تكشف عن أنّه لا أصل في البين يكون هو الذي تتفرع عنه الفروع لا في طرف المادة ولا في طرف الهيئة. وحسبما حررناه في حقيقة الوضع في بدو الأمر والاختراع الأول ، يظهر لك أنّه لا مادة موضوعة على حدة ولا هيئة موضوعة على حدة ، بل ليس هناك إلاّ وضع المجموع من المادة والهيئة ، ولكن بعد جمع اللغة وتدوينها وجمع المواد التي تتوارد عليها الهيئات المختلفة مثل الضرب والشرب وتوارد هيئة ضرب يضرب عليها إلى آخر هيئات المشتقات ، تخيل المتخيل أن هناك مادة وصورة وأن الثانية طارئة على الاولى دون العكس. ولعل هناك من يجري نفس هذا التشكيك في الأجسام والأنواع الطبيعية وتحليلها إلى جنس وفصل أو إلى مادة وصورة ، فيقال هل الأصل هو المادة والصورة طارئة ، أو الاصل هو الصورة والمادة طارئة؟ أو لا هذا ولا ذاك وما هو إلاّ خيالات يتخيلها المتخيلون في مخلوقاته ( تبارك وتعالى ) التي لا يعلم حقيقتها إلاّ خالقها ( جل وعلا )؟
ثم إنّ ما ذكرناه في الوضع ، وأنّ الواضع الأول هو في منتهى درجة البساطة ، لا ينافي كون الألفاظ الموضوعة مشتملة على خصوصيات ومزايا هي في منتهى درجة الدقة والمتانة ، فإنّ ذلك الوضع وإن كان بفعل من