وربما يقال : إنّ ذلك إنّما يتجه لو كان ما تحدثه الصيغة مركبا من الطلب والمنع من الترك ، أما لو لم يكن إلا بسيطا فلا يكون الطلب جنسا له كي يصح انطباقه عليه.
ولكن لا يخفى ما فيه : فإن ما تحدثه الصيغة وإن كان بسيطا إلاّ أنّ مفهوم الأمر لمّا كان هو مطلق الطلب كان منطبقا قهرا على الطلب الوجوبي وعلى الطلب الندبي ، وهما وإن كانا عند حدوثهما بالصيغة بسيطين ، إلاّ أنّ ما به الاشتراك في كل منهما عين ما به الامتياز كما هو الشأن في البسائط إذا كان لها قدر جامع ، فلاحظ وتأمل ، وسيأتي (١) لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى عند الكلام على ظهور الصيغة في الوجوب.
قوله : بوجه يشبه الانصراف (٢).
سيأتي (٣) إن شاء الله تعالى أن الوجوب يكفي فيه الجعل الواحد وهو الطلب ، والاستحباب يحتاج إلى جعل الطلب وجعل الترخيص في الترك ، وما لم يتحقق الجعل الثاني يكون مقتضى الجعل الأول هو الايجاب.
قوله : فلا محالة تدل مادة الأمر على الوجوب أيضا بتلك الدلالة وإن لم يكن الاستعمال في غيره مجازا ... إلخ (٤).
الأولى أن يقال : إنّ مادة الأمر فيها دلالة على الوجوب لما تقدّم (٥) من جهة مرادفتها للالزام ، أو من جهة دلالة الأدلة الأخر مثل قولها « أتأمرني
__________________
(١) في صفحة : ٣٤٧.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٣٢ [ مع اختلاف عمّا في النسخة القديمة غير المحشاة ].
(٣) في صفحة : ٣٥٠ وما بعدها.
(٤) أجود التقريرات ١ : ١٣٢.
(٥) في صفحة : ٣٢٠.