وعدم تحتمه تابعا لذلك الطلب المتعلق بالفعل. والنظر إليه هنا باعتبار كون الوجوب مركبا من حكمين أحدهما طلب الفعل والآخر حرمة تركه ، كما أن الاستحباب مركب أيضا من طلب الفعل وجواز الترك ، فلا ربط لاحدى المسألتين بالاخرى.
ولا يخفى أنّ هذا التركيب المذكور لو بنينا عليه لا يكون مصحّحا لدعوى كون الاطلاق وعدم بيان الترخيص في الترك دليلا على إرادة الوجوب ، لما عرفت من أنه بناء عليه يكون القدر المشترك هو الطلب ، وأنّ تفصّله بأحد الفصلين المتقابلين محتاج إلى بيان ، سواء كان ذلك الفصل هو حرمة الترك أو كان هو الترخيص فيه. كما أن الأمر كذلك لو قلنا بالفرق بينهما بالشدة والضعف ، فإنّه أيضا لا وجه حينئذ لجعل الاطلاق دليلا على المرتبة الشديدة منه أعني الوجوب ، إذ ليس ذلك إلا نظير ما نقله في الكفاية (١) من دعوى ظهور الصيغة في الوجوب لكونه أكمل.
بل إن الأمر كذلك بناء على ما أفاده شيخنا قدسسره (٢) من الفرق بينهما بحسب كون المصلحة ملزمة أو غير ملزمة ، فانه بناء على ذلك لا وجه لحمل إطلاق الطلب على ما يكون ناشئا عن المصلحة الملزمة بعد فرض كون الطلب في حد نفسه واحدا ، وأن المصلحة على قسمين لازمة الاستيفاء وغير لازمة ، وأنّ الدليل الدال على جواز الترك لا يكون إلا من مجرد بيان أنّ هذه المصلحة غير لازمة الاستيفاء. فما افيد بقوله : إذا عرفت ذلك فاعلم أن الصيغة متى صدرت من المولى فالعقل يحكم بلزوم امتثاله ... إلخ (٣) لم
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٢.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٤٤.
(٣) أجود التقريرات ١ : ١٤٤.