بالواسطة في الحمل ، فانّ هذه الأعراض الأخيرة لا تخرج عن كونها عارضة ومحمولة على موضوع الفن ، فلا تكون التسمية إلاّ لمجرد الاستحسان والاصطلاح. مضافا إلى أنّه لا وجه لاخراج العوارض الأخيرة عن مباحث الفن ، مثلا إنّ المشي العارض على الانسان بتوسط أنّه حيوان يكون من عوارض الانسان كما أنّه من عوارض الحيوان ، وهذا لا يوجب إخراجه عن الفن الذي يكون موضوعه الانسان كالطب مثلا ، ولا يوجب اختصاصه بالفن الذي يكون موضوعه الحيوان كالبيطرة ، وهكذا الحال في بقية العوارض التي زعموا أنها غريبة وأنها خارجة عن الفن الذي يبحث فيه عن عوارض ذلك الموضوع.
ثم إنّ هؤلاء قد أخرجوا العارض بواسطة المباين كما عرفت ، بدعوى كون المباين لا يحمل وأنّه واسطة في الثبوت ، ولكن لا أدري في أيّ قسم أدخلوه ، والذي ينبغي لهم أن يدخلوه في القسم الأول من الذاتي أعني ما يكون عارضا لنفس الذات بلا واسطة في العروض ، لما سمعته (١) عن البدائع والفصول من أن توسط الواسطة في الثبوت لا يخرج العرض عن كونه ذاتيا وبلا واسطة في العروض.
وهذه الاشكالات لا ترد على من فسّر الواسطة بما يكون توسطها موجبا للتجوّز في النسبة ، وتفسير الذاتي بما يكون فاقدا لها ، والغريب بما يكون واجدا لها ، فإنّ التسمية بناء على هذا التفسير تكون واضحة المنشأ ، كما أنّ إخراج ما يكون غريبا بهذا المعنى من الغرابة عن البحث عن موضوع الفن أعني عوارضه الذاتية يكون أيضا واضحا لا غبار عليه ، إذ ليس ذلك حقيقة من العوارض لذلك الموضوع.
__________________
(١) في الصفحة : ٢٠ ـ ٢١.