فيه واضح على ما حقق في محله خصوصا فيما لو كان الواجب توصليا لا يعتبر فيه قصد القربة والامتثال ، من دون فرق في ذلك بين مصادفة الخطاب لفعل الغير أو كونه أعني الخطاب متأخرا عنه أو كونه متقدما عليه ، ولا مورد فيه للاستصحاب أصلا ولا للتمسك بقاعدة الاشتغال.
نعم ، الغالب في التكاليف تحقق الأصل اللفظي فيها القاضي باعتبار المباشرة فلا تصل النوبة فيها إلى الأصل العملي. وهذا الأصل اللفظي القاضي باعتبار المباشرة يكون مزيلا لبقية الشكوك التي قررناها في تقريب ما أفاده شيخنا قدسسره فإنّه يزيل الشك في بقاء الموضوع وبقاء التكليف ، وكذلك الشك في إطلاق نفس الوجوب.
لا يقال : مع فرض عدم إجراء الأصل اللفظي في المقام كيف قلتم إنّ المرجع هو البراءة مع أنّ إطلاق الوجوب قاض بتحققه عند فعل الغير الملازم لاعتبار المباشرة. ولو اغضي النظر عن ذلك فلا أقل من استصحاب الوجوب فيما لو فعله الغير.
لأنا نقول : أما إطلاق الوجوب لفظيا ، ففيه أوّلا : أنّ المفروض هو وصول النوبة إلى الاصول العملية وعدم الاصول اللفظية. وثانيا : ما مرّ من أن فعل الغير من قبيل المسقط فلا يكون الاطلاق جاريا فيه.
وأمّا استصحاب الوجوب بعد فعل الغير ، ففيه : أنه كاستصحاب الوجوب فيما لو صلّى بلا تحنك في ظرف الشك في اعتباره في الصلاة وإجراء أصالة البراءة ، وقد حقق في محله (١) المنع من هذا الاستصحاب لكونه من قبيل الاعتماد على استصحاب الوجوب في مقام أصالة الاشتغال ،
__________________
(١) لاحظ ما ورد في ذيل حاشيته قدسسره على فوائد الاصول ٤ : ١٦٢ ـ ١٦٣ في المجلّد الثامن.