ذا مصلحة وذا ملاك بناء على المذهب المنصور من أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد في المتعلق ، وأن ما يحكم العقل بحسنه يحكم الشرع بوجوبه ، وأن الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية ، فلا بد لنا من الالتزام بأنه لا يتصف بذلك الحسن حتى تتعلق به الارادة ، وإلاّ فإنّ الفعل من الساهي والنائم لا يتصف بحسن ولا بقبح ، ومن الواضح أن الفعل الذي يكون حسنا في نفسه لو صدر بالارادة يكون واجدا للحسن الفاعلي كما أنه واجد للحسن الفعلي.
نعم ، يمكن مناقشة شيخنا قدسسره من جهة قوله : نعم الحسن الفعلي لا يتخلف عن الفعل سواء صدر بالاختيار أم لا ... إلخ (١) ، فإنّك قد عرفت أن الحسن الفعلي منوط بالارادة أيضا ، اللهم إلاّ أن يريد بالحسن الفعلي هو مجرد المصلحة في الفعل في حد نفسه وإن لم يكن حسنا لكنه بعيد.
ومنه يظهر لك التأمل من جهة اخرى وهي أنّ لنا قضيتين ، وهما أن الأحكام تابعة للمصالح في المتعلقات ، وأنّ ما حكم العقل بحسنه حكم الشرع بوجوبه ، والناتج من ذلك هو أن ما يحكم الشرع بوجوبه لا بد فيه من وجود صلاح ، أما أنّه لا بد من كونه حسنا فعلا أو فاعليا فذلك أمر آخر يحتاج في إثباته الى دعوى أن كل ما حكم الشرع بوجوبه فهو حسن بحكم العقل وهو موجب للحسن الفعلي والفاعلي ، وهذه الدعوى غير معلومة الثبوت إلاّ إذا ادعينا أنّ كل ما فيه مصلحة من الأفعال فهو حسن بحكم العقل ، وهي غير بعيدة ، فنحن بعد علمنا بوجوب الفعل الفلاني نستكشف أن فيه مصلحة ، وكل ما فيه مصلحة هو حسن فعلا ، وكل ما هو حسن فعلا
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤ [ مع اختلاف عمّا في النسخة القديمة غير المحشاة ].