قوله في الحاشية المشار إليها : وأما على ما حققناه من أنّه ليس إلاّ إظهار اعتبار كون المادة على ذمة المكلف ، فلا موجب لاشتراط التكليف بالقدرة أصلا ، غاية الأمر أن العقل يعتبرها في موضوع حكمه في مرحلة الالزام بالامتثال ... إلخ (١).
لا يخفى أن كلامه مع شيخنا قدسسره إنما هو في اعتبار القصد والاختيار في قبال الفعل الصادر سهوا ونوما ، ولا دخل لذلك بمسألة القدرة وأنها شرط في الأمر أو قيد في المأمور به أولا هذا ولا ذاك ، وإنما هي بحكم العقل بمعنى كونه شرطا في وجوب الطاعة الذي يحكم به العقل ، أو أنّها شرط في الخطاب الشرعي لا في الملاك ، هذه أبحاث أخر لا ربط لها بما هو محل البحث في هذا المقام أعني كون المأمور به منحصرا بالقصد والاختيار ، ولا يشمل ما يقع سهوا ونوما ونحو ذلك من سوالب القصد والارادة والاختيار ، فإن ذلك أعني ما يصدر سهوا أو نوما وإن كان غير مقدور ، إلا أن محل البحث فيه ليس من ناحية كونه غير مقدور وإلا كان الأمر فيه سهلا باعتبار كونه مشمولا للمأمور به لفظا وخروجه بحكم العقل كما سيأتي البحث فيه مع المحقق الثاني في أوائل الترتب (٢) ، بل إن البحث فيه من ناحية كونه فاقدا للقصد ، والمدعى هو أن متعلق الوجوب والطلب مقيد بكونه صادرا عن القصد ، وأنه لو اتفق صدور الفعل الواجب في حال السهو أو النوم لم يكن مجزيا ولم ينطبق عليه المأمور به ، فلا مورد للسؤال بقوله : فان قلت : ما هي الفائدة ... إلخ ، ولا لجوابه بقوله : قلت : فائدته اجتزاء المكلف ... إلخ (٣).
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ١٥٣.
(٢) بل قبله ، راجع الحاشيتين الآتيتين في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٣٦ و ١٤٤.
(٣) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ١٥٤.