وبعد ذلك لا بد أن نقول : إن ذات الصلاة التي تعلقت بها الحصة الاولى من الوجوب كما ذكره (١) ليست هي مطلق الصلاة ولا الصلاة المقيدة ، بل هي الحصة من طبيعة الصلاة أعني الصلاة المقترنة بدعوة الأمر إليها ، بحيث إن المكلف لو فعل الصلاة لا بداعي أمرها لما كان ممتثلا لأمرها وإن قلنا بخروج قصد الامتثال عن حيّز ذلك الأمر ... إلخ ، وإلى ذلك يشير فيما ذكره بقوله : فتكون هذه العبارة ونحوها إنشاء لوجوبين ، أحدهما متعلق بالحصة المقارنة لدعوة الأمر أو لقصد امتثال الأمر من طبيعة الصلاة ... إلخ (٢).
والظاهر أن هذه التوأمية محتاج إليها حتى لو صرفنا قيد الامتثال عن مرحلة الداعي إلى مرحلة القصد ، فإنّ أقصى ما في البين حينئذ هو تعلق الوجوب بالصلاة التي يقصد بالاتيان بها امتثال طبيعة الأمر المتعلق بها ، فإن صرف قيد الامتثال من مرحلة الداعي إلى مرحلة القصد إنما يدفع إشكال كون الداعي غير قابل لتعلق التكليف به جزءا كان أو قيدا. كما أن جعل الأمر الذي اعتبر قصد امتثاله هو طبيعة الأمر إنما يدفع إشكال أخذ الحكم موضوعا لنفسه.
وبعد هاتين المرحلتين أعني صرف الامتثال من الداعوية إلى مرحلة القصد وجعل الأمر الذي اعتبر امتثاله طبيعة الأمر لا شخص الأمر المتعلق بذات الصلاة ، يتوجه إشكال عدم القدرة ، ويندفع بالتركيب وجعل الحصة الاولى من الأمر موضوعا للحصة الثانية ، ولازم ذلك هو كون متعلق الحصة الاولى من الوجوب هو ذات الصلاة ، أعني الحصة من طبيعة الصلاة التي
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٢٢٨.
(٢) بدائع الأفكار : ٢٣٤.