المصلحة يتوقف على تحقق المصلحة فيه ، وتحققها فيه متوقف على الاتيان به بداعي المصلحة لكونه محققا لعباديته التي هي حسب الفرض قيد المأمور به الموجب لتوقف المصلحة على حصوله.
ولكن يمكن أن يوجّه نظره قدسسره على وجه لا يتوجه عليه الدور المذكور بأن يقال : إن التوصلي وإن شارك التعبدي في كون الأمر في كل منهما عن مصلحة فيه ، ولكن ربما كانت تلك المصلحة متوقفة على القصد بأن تكون من العناوين القصدية المحتاجة في تحققها إلى قصد ، وربما كانت غير متوقفة على ذلك ، فالأول هو التعبدي والثاني هو التوصلي ، مثال ذلك النهوض فانه ربما كان مرادا للآمر من جهة كونه رياضة بدنية بأن تكون مصلحته مقصورة على ذلك ، وربما كان مرادا للآمر من جهة كونه تعظيما للوارد ، فالأول نقول إنه توصلي لتحقق المصلحة الباعثة على الأمر به بمجرد تحققه ، بخلاف الثاني لتوقف المصلحة فيه على إتيانه بداعي التعظيم أعني بقصد التعظيم ، وحينئذ يكون الدور المذكور غير وارد ، لأن هذا النحو من المصالح لم يكن من الامور المترتبة على الفعل على نحو المسببات المباينة لأسبابها التي تكون أسبابها بالنسبة إليها من قبيل المقدمات الاعدادية كما في مثل الثواب والعقاب ، بل هي من قبيل العناوين الثانوية لفعل الفاعل ، غايته أنها تارة تكون متوقفة على قصد كما في مثل التعظيم بالنسبة إلى القيام ، واخرى لا تكون متوقفة على ذلك كما في مثل الرياضة البدنية بالنسبة إلى القيام أيضا ، والذي ينبغي هو أن لا يسمى مثل التعظيم بالنسبة إلى القيام بالداعي ، لما عرفت في بعض المباحث السابقة (١)
__________________
(١) لاحظ الصفحة : ٣٢٩ ـ ٣٣٠.