تحرير السيد ( سلّمه الله ) هو العكس من ذلك ، وأنّ المطلوب الأصلي هو الإتيان بداعي [ الأمر ](١) ، لكنه لمّا لم يمكن التقييد به فللشارع أن يقيد الفعل بعنوان آخر يكون ملازما لذلك الداعي ، وإن كان قوله : والدواعي ملازمة لذلك العنوان المقيد به ... إلخ ، ظاهر في أنّ العنوان المطلوب هو غير الدواعي وأنّ الدواعي ملازمة لذلك العنوان.
ولعل ما في الدرر (٢) من جعل القيد هو الإتيان به لا بالدواعي النفسانية مأخوذ من هذا التوجيه ، بناء على أنّ اعتبار عدم الدواعي النفسانية ملازم لكونه بأحد الدواعي الالهية ، بعد فرض صدور الفعل عنه بالاختيار ليخرج منه السهو والنسيان والإكراه والاجبار.
وعلى كل حال ، فلو كان المراد هو هذا الأخير فلا ريب في بطلانه ، إذ لم يقع الأمر في عبارة الشارع لا بالدليل المتصل ولا بالدليل المنفصل على العنوان المزعوم أنّه ملازم لداعي الأمر.
وإن كان المراد هو ما في تحرير الشيخ محمد علي رحمهالله فالظاهر أنه لا مانع منه كما تقدم ، بأن يكون المأمور به هو الفعل بعنوان الخضوع والتعبد ، وتكون هذه الدواعي محققات للعبادية. وليس المقصود من المحققية أنّها أسباب للعبادية ، ليرد عليه أنّها حينئذ من قبيل العناوين الأولية والثانوية ، فيكون الأمر بأحدهما عين الأمر بالآخر كما نقلته في تحريراتي عنه قدسسره بل المراد أنّها أحد مصاديق التعبد والخضوع ، كما أنّه ربما كان مصداقه هو مجرد قصد التعبد والخضوع ، بل ربما يدعى المنع من كونه مصداقا بل هو مقرون بالخضوع ، فإنّ مجرد الإتيان بالفعل بداعي الأمر
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].
(٢) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٩٤ وما بعدها.