قلت : تمامية هذا الإيراد تتوقف على كون ذلك العنوان داخلا تحت القصد والاختيار ، وإمكان التفكيك بين قصده وداعي التقرب ، ولعل غرض السيد قدسسره هو دعوى الملازمة بينه وبين قصد التقرب المدعى كونه محققا له ، وأنّ ذلك العنوان غير داخل تحت القصد والاختيار ، وأنّه يكفي في تعلق الخطاب به كون ما يحققه من الاتيان بالفعل بداعي التقرب مقدورا من دون حاجة إلى كون العنوان المذكور مقدورا بنفسه ومقصودا للمكلف.
وحينئذ ينحصر الإيراد عليه بما نقلناه عنه ( دام ظله ) فيما تقدم (١) من أنّه إن كان ذلك العنوان من قبيل المسببات التوليدية ... إلخ ولم يذكره ( دام ظله ) في مجلس البحث ، وإنّما أفاده ( دام ظله ) بعد الفراغ من البحث عند ما عرضت بخدمته ما حاصله ما تقدم من أنّه لعل غرض السيد قدسسره هو دعوى الملازمة وعدم دخول العنوان تحت القصد والاختيار وأنّه لا يعرفه المكلف ، وإنّما هو عنوان واقعي يعلمه الله ولا يعرفه المكلف ، وإنّما يمكنه إيجاده بايجاد ما يلازمه ويحققه من الإتيان بالفعل بداعي الأمر والتقرب ، انتهى.
ثم لا يخفى أنّه يمكن أن يكون مراد السيد قدسسره ما سيأتي في الحاشية الآتية (٢) من أنّ ملاك العبادية الذي يكون قيدا فيها هو عنوان ثانوي منطبق على تلك الأفعال ، ويكون ذلك العنوان الثانوي ملازما في القصد لأحد الدواعي ، أعني الامتثال أو غيره من الدواعي القربية ، ولمّا كان ذلك العنوان الثانوي مجهولا للمكلف ومع جهله به لا يمكن التكليف به وأخذه قيدا في المأمور به ، التجأ الآمر إلى الأمر ثانيا بالإتيان بتلك الأفعال بقصد الامتثال
__________________
(١) في صفحة : ٤٤٦.
(٢) [ لعل المقصود بها الحاشية الآتية في صفحة : ٤٦٢ ـ ٤٦٣ ].