بتقييد متعلق الأمر بقصد داعي الأمر ، ولمّا كان التقييد المتصل غير ممكن لما يلزم عليه من تصور الأمر في مرتبة متعلقه ، انحصر الطريق ببيانه بالدليل المنفصل ، من دون فرق في ذلك بين كون ذلك الدليل المنفصل من باب مجرد البيان المنفصل أو كونه بطريق الأمر الثاني ، إذ لا يكون الأمر [ إلا ](١) أمرا صوريا لأجل الحصول على ذلك العنوان المجهول عند المكلفين ، وفي الحقيقة لا يكون القيد ولا الأمر المتعلق به إلا نفس ذلك العنوان المفروض كونه مجهولا للمكلفين.
وحينئذ فهؤلاء المكلفون إن عثروا على ذلك الدليل المنفصل حكموا بمقتضاه ، ولزمهم الإتيان بذلك الفعل بقصد داعي الأمر ، فكان المقام من قبيل التقييد اللحاظي في مقام الإثبات وفي مقام الثبوت أيضا ، لكن بالنظر إلى حالة المكلفين يكون القيد هو داعي الأمر ، وربما علموا بأنّه ليس بالقيد الحقيقي وإنّما القيد هو العنوان الواقعي الذي لا يعرفونه ، وبالنظر إلى ما عند الشارع يكون القيد هو ذلك العنوان الملازم لقصد داعي الأمر.
وإن لم يعثروا على ذلك القيد المنفصل أجروا أصالة العدم فيه ، وحكموا بعدم اعتبار داعي الأمر ولو وصلة إلى العنوان ، وحاصله الحكم بأن متعلق الأمر واقعا هو نفس الفعل ، سواء كان واجدا لذلك العنوان الواقعي الذي لا يعرفونه وإنّما يعرفون ملازمه الذي هو داعي الأمر ، أو كان فاقدا لذلك العنوان ، والحاصل أنّهم يحكمون باطلاق المتعلق من ناحية ذلك العنوان الذي يكون داعي الأمر ملازما [ له ](٢) ، وحينئذ يتحقق الإطلاق اللحاظي في مقام الإثبات وفي مقام الثبوت.
__________________
(١ و ٢) [ لا يوجد في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة به ].