ومن ذلك يظهر لك طريقة اخرى في أصالة التعبد بمعنى عدم سقوط الأمر بمجرد الفعل وهي استصحاب بقاء التكليف. بل قد يقال إنّ مقتضى الأصل اللفظي هو ذلك ، لأن مرجع هذا الشك حينئذ إلى الشك في إطلاق الوجوب أو اشتراطه بعدم حصول الفعل بداع آخر ، ومقتضى الإطلاق هو كون ذلك الفعل واجبا بقول مطلق ، سواء وجد ذلك الفعل بداع آخر أو لم يوجد.
وحاصل ما ندعيه على أصالة التعبدية هو أمران :
أولهما : أنّ طبع الأمر يقتضي أن يكون ما هو واقع بداع آخر خارجا عن دائرته.
ثانيهما : أنّ حكم العقل بلزوم الإطاعة لا يفرق فيه بين التعبدي والتوصلي ، ومن الواضح أنه مع الإتيان بالفعل بداع آخر لا يكون العقل حاكما بأن ذلك إطاعة.
وهناك أمر ثالث وهو التمسك بأصالة إطلاق الوجوب لما إذا حصل الفعل بداع آخر ، فتأمل فانّ هذا متفرع على تمامية أحد الأمرين الأولين أو كليهما ، نعم بعد تمامية أحد ذينك الوجهين أو كليهما لو حصل الشك في سقوط التكليف بمجرد الفعل لاحتمال كونه من قبيل ما دل الدليل عليه من التوصليات ، كان هذا الوجه الثالث نافعا في إزالة الشك المذكور.
وهاهنا أمر لا بد من بيانه والتنبيه عليه ، وهو أنّ هذا المقدار أعني الاتيان بالفعل بقصد امتثال الأمر ربما لا يوجب عبادية ذلك الفعل أو عبادة ذلك الآمر كما يشاهد في الأوامر العرفية فيما لو أمر الوالد ولده بالإتيان بالماء فجاء به امتثالا لأمر والده ، لم يكن ذلك الفعل بذلك القصد عباديا ولا يكون ذلك الولد عابدا لوالده في امتثال أمره ، بل أقصى ما فيه أن يعدّ