الامتثال والاتيان بالفعل بداعي الأمر هو الملاك في كونه عباديا.
وعلى كل حال ، أنّ هذا البرهان الذي ذكرناه وسيأتي إن شاء الله (١) إبطاله لو سلّمناه وأغضينا النظر عمّا سيأتي في إبطاله ، فهو وإن أنتج اختصاص المتعلق بما يؤتى به بداعي الامتثال أو بقصد الامتثال اختصاصا قهريا من دون تقييد قصدي أو لحاظي ، لكنه لا ينتج العبادية ، لما عرفت من أنّ مجرد الإتيان بداعي الأمر أو بقصد امتثال الأمر لا يوجب العبادية حتى لو ضممنا إليه قصد ترتب الثواب أو الفرار من العقاب ، لما نشاهده من امتثال المقهورين أوامر القاهرين في عدم كونها عبادة لهم حتى لو ضممنا إليه قصد التقرب إليهم ، ما لم يتوسط في ذلك ذلك العنوان أعني عنوان العبادة والخشوع والخضوع المعبّر عنه بالفارسية بـ ( پرستش ).
والخلاصة : هي أنّ اعتبار داعي الأمر أو قصد الامتثال وإن ترتب عليه الثواب والتخلص من العقاب حسب وعده تعالى ووعيده ، إلا أنه وحده لا يحقق العبادية ، بل هو قدر مشترك بين التعبديات والتوصليات ، فلو تم ما أفاده صاحب الإشارات (٢) والعناوين (٣) وتم ما حررناه (٤) من البرهان على ذلك من انحصار المعلول قهرا بمورد العلة ، لكان أقصى ما ينتجه هو انحصار المأمور به قهرا بما يكون صادرا عن داعي الأمر ، وذلك وحده لا ينتج التعبدية.
ومنه يظهر لك أنّ الأمر الثاني ممّا أفاده شيخنا قدسسره (٥) المعبّر عنه
__________________
(١) في صفحة : ٥٠٥ ـ ٥٠٦.
(٢) إشارات الاصول ١ : ٥٦ ـ ٥٧.
(٣) العناوين ١ : ٣٧٨ وما بعدها.
(٤) في صفحة : ٤٧٠.
(٥) أجود التقريرات ١ : ١٧٣.