مقتضى الظهور اللفظي. والثاني : ذم العقلاء للعبد الآتي بالفعل لا بداعي الأمر. وأشكل على كل من الأول والثاني ، ثم أفاد أنه إن كان المراد من الثاني أن العبد وإن لم يكن عاصيا في الحقيقة إلا أن ذم العقلاء له يجعله بحكم العاصي ، وأشكل عليه أوّلا : بمنع الذم. وثانيا : بأنّ الذم لا يقتضي المنع اللزومي ، بل أقصى ما فيه هو التنزيه. وثالثا : بأنه لو سلّمنا الذم فانما هو للفاعل لسوء السريرة لا على نفس الفعل. ورابعا : بعد الغض عن جميع ذلك وتسليم كون الذم على الفعل دون الفاعل ، فغير منتج ما هو المقصود من إثبات الوجوب التعبدي ، إذ غايته وجوب تحصيل الامتثال والانقياد على العبد مضافا على وجوب أصل الفعل ، وهو أمر آخر وراء اشتراط سقوط التكليف بقصد القربة وبعد تسليم عدم مساعدة اللفظ عليه.
وهذا الجواب سار في جميع أدلتهم من العقل والنقل ، وقد أخذه بعض المحققين في الهداية جوابا عن أدلتهم السمعية ، وسيأتي تمام الكلام فيه إن شاء الله تعالى. فتلخص من جميع ما ذكر : أنّه لا محصّل لدعوى اقتضاء الأصل اللفظي للوجوب التعبدي (١) ، انتهى ملخصا.
والظاهر أن مراده هو أن أقصى ما تدل عليه الأدلة المذكورة هو لزوم الطاعة والامتثال والانقياد وجوبا مستقلا ، وذلك أمر آخر غير التقييد واشتراط المأمور به بذلك ، وأما ما أشار إليه فيما سيأتي فهو ما نقله عن صاحب الحاشية (٢) ، ونحن نذكر كلام صاحب الحاشية ليتضح لك مراده وأنه يفرق بين داعي الأمر وبين العبادية.
__________________
(١) بدائع الأفكار للمحقق الرشتي قدسسره : ٢٨٥.
(٢) في صفحة : ٢٩١ من البدائع [ منه قدسسره ].