به ، ظاهر في أنه يسلّم لزوم الإتيان بالمطلوب من حيث إنه قد أمر به ، بمعنى أن اللازم بحكم العقل بعد ملاحظة حال الآمر أن يؤتى بمطلوبه مقيدا بكونه مأمورا به ومطلوبا لذلك الآمر العظيم ، وذلك لا دخل له بكون الفعل عباديا ، وأنه لا بد فيه من الاتيان بقصد الطاعة والامتثال والانقياد ، فهو يفرّق بين الإتيان بالمأمور به بما أنه مأمور به وبين الإتيان به بداعي الطاعة والانقياد والامتثال ، ويقول إنّا وإن قلنا إنه لا بد من قصد الأمر إلا أنّه لا دليل على التقييد بقصد الامتثال والانقياد والطاعة ، وهذه الأدلة وإن أوجبت الثاني إلا أنّه تكليف مستقل لا ربط له بما أفادته الأوامر الأصلية ولا يكون موجبا لتقييدها به.
ثم لا يخفى أنّ صاحب البدائع قدسسره (١) أورد على صاحب الحاشية فيما أفاده من أن الآية إنما تتكفل وجوب الطاعة وجوبا مستقلا فلا دلالة فيها على التقييد ، وحاصل إيراد البدائع هو كونها ظاهرة في الحكومة على الأوامر فتدل على التقييد ، بخلاف ما ذكرناه في رد الاستدلال بذم العقلاء فان المتعيّن فيه هو الاستقلال لا التقييد.
ولا يخفى أن ذلك من الشواهد على أن الانقياد وكذلك الطاعة هو عبارة عن العبادية كما يرومه المستدل بالآية على التعبدية ، وليس هو اعتبار داعوية الأمر ، وإلا لكان التقييد به ممتنعا ، فكيف يستظهر التقييد صاحب البدائع قدسسره مع أنه قد أثبت أن التقييد به ممتنع كما فصّله وأوضحه (٢) ، اللهم إلا أن يكون مراده من كون أوامر الإطاعة موجبة للتقييد في بقية الأوامر كون
__________________
(١) بدائع الأفكار للمحقق الرشتي قدسسره : ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(٢) المصدر المتقدم : ٢٨٦.