هو المعبّر عنه بالظرف المستقر ، وما يتكفل منها للنسبة الثانوية هو المعبّر عنه بالظرف اللغو ، وأنّ لفظة « في » من بين تلك الحروف صالحة لأن تستعمل في كل من النسبتين ، فتكون صالحة لكل من الاستقرار واللغوية ، وأنّ ما عداها لا يصلح إلا للنسبة الثانوية فلا يكون إلا لغوا ، وأنه لا يوجد من الحروف ما هو مختص بالنسبة الاولى الذي هو عبارة عن الاستقرار ، هذا.
لكنك قد عرفت (١) أن الأولى أن يقال : إن الذي تتكفله الحروف الجارّة هو جهات النسب ، سواء كانت النسبة في ذلك هي نسبة الفعل إلى متعلقه الذي هو مدخول حرف الجر ، أو كانت النسبة هي النسبة بين مدخول حرف الجر وبين بعض الأسماء مثل زيد في الدار ومثل المال لزيد ، فان مفاد الأول هو أن النسبة بين زيد والدار على جهة الظرفية ، ومفاد الثاني هو أن النسبة بين زيد وبين المال هو على جهة الاختصاص أو الملكية.
وأما ما افيد من أن مفاد لفظ « في » هو الأين ، وأنه تارة يكون من قبيل النسبة الأوّلية ويكون مستقرا ، واخرى يكون من النسبة الثانوية ويكون لغوا ... إلخ ، فالأولى في هذا المقام هو نقل ما حررته فيه عنه قدسسره فنقول بعونه :
قال قدسسره فيما حررته عنه : ثم إنك بعد أن عرفت أن الأصل في النسبة هي النسبة الفاعلية أعني نسبة العرض إلى معروضه ، وأن النسبة الحملية المتضمنة لحمل المشتق من ذلك العرض على معروضه متأخرة رتبة عن
__________________
(١) في صفحة : ٤٢.