التمسك بمقتضى كون الأمر داعيا ، بل صريح كلامه هو التمسك بمقتضى حكم العقل بلزوم الاطاعة ، وهي لا تحصل إلاّ بالاتيان بداعي الأمر ، ولو أتى به بداع آخر لم يكن مطيعا للأمر ولا ممتثلا له.
نعم ، في بعض الموارد يكون ذلك الحاصل بلا داعي الأمر ولا بعنوان الاطاعة والامتثال رافعا لموضوع التكليف كما لو وصل الماء إلى الثوب فطهّره ، وكما لو أدى الدين ووفّاه ، أو قام بنفقة زوجته لا بداعي الأمر ، فان ذلك وأمثاله يكون من باب ذهاب الموضوع المسقط للتكليف لا من باب الإطاعة والامتثال ، فلا يلزمه الإعادة بل ولا يترتب عليه العقاب ، فان إسقاط التكليف باذهاب موضوعه لا يكون عصيانا لذلك التكليف فلا يكون موجبا للعقاب.
واعلم أن متمم الجعل الذي يقول به شيخنا قدسسره (١) في وجوب الاحتياط كلية ، أو في خصوص باب الدماء والفروج ، وفي وجوب الفحص عن القدرة ، وفي وجوب الفحص في الشبهات الحكمية أو في بعض الشبهات الموضوعية ، بل في أصل وجوب التعلم بالنسبة إلى الأحكام الشرعية ، كل ذلك لا مانع منه عقلا بعد فرض قوة المصلحة الواقعية على وجه تؤثر في مقام الجهل البسيط أو في الجهل المركب بالأحكام الشرعية أو بعض الموضوعات ، فان جعل أصل الحكم لا يحصّل تلك المصالح في أمثال هذه المقامات إلاّ بمعونة ذلك الجعل الثاني الذي يكون جعله سدا لباب اعتذار المكلف على ما فصّله في محله.
أما وجوب الغسل لمن وجب عليه الصوم نهارا فقد تخلّصوا منه
__________________
(١) ذكر قدسسره ذلك في موارد ، منها : ما في أجود التقريرات ٣ : ١٤٣ وما بعدها ، ١٣٧.