حكم العقل بلزوم إحراز سقوط الواجب نظير حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل ، بمعنى العقاب في الشبهة الوجوبية البدوية في كون قاعدة قبح العقاب بلا بيان موجبة للقطع بعدم الضرر بمعنى العقاب ، فتكون واردة على قاعدة دفع الضرر المحتمل ورافعة لاحتمال العقاب.
ولكنك خبير بأن هذه القاعدة فيما نحن فيه إنما هي قاعدة شغل الذمة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، حيث إن المكلف قد اشتغلت ذمته يقينا بالصلاة ، ومع الشك في حصول مصلحتها يكون الفراغ منها مشكوكا فيحكم العقل حينئذ بلزوم الفراغ اليقيني المتوقف على داعي الأمر ، وإذا وصلت النوبة إلى الشك في فراغ الذمة بعد اشتغالها فلا مورد لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بل يكون العقاب عقابا بالبيان الذي هو قيام الحجة العقلية ، وهي أن شغل الذمة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
والخلاصة : هي أن صاحب الكفاية قد سدّ باب البراءة العقلية في ذلك المقام وفي هذا المقام ، من جهة كون الشك في المقامين راجعا إلى الشك في السقوط ، ومع الشك في السقوط يكون العقل حاكما بالاحتياط. لكنه قدسسره قد فتح باب البراءة الشرعية بدعوى حكومتها على الاحتياط العقلي ، لكنها لا مجال لها في هذا المقام ، لعدم كون الوضع فيها راجعا إلى الشارع لعدم إمكان أمره بداعي الأمر ، فلا يكون فيه مجال للرفع الشرعي ، ومن الواضح أن انسداد باب البراءة العقلية هناك وهنا لا يوجب انسداد باب البراءة الشرعية هناك بعد أن كان الجعل هناك ممكنا وكان الجعل هنا غير ممكن.
وهذه الجهة هي العمدة في نظر صاحب الكفاية في الفرق بين المقامين ، فلا يرد عليه ما في الحقائق من قوله : لكنه لا يصلح فارقا في