كلا اللحاظين ، وليس ذلك من قبيل ارتفاع النقيضين ولا الضدين بل هو من قبيل ارتفاع اللحاظ المنقسم إليهما.
نعم ، إن المعنى لا بد أن يكون في مقام الوضع ملحوظا ، فعند وضع كل من لفظ الابتداء ولفظة « من » لا بد أن يكون معنى الابتداء ملحوظا ، بل لا بد أن يكون ملحوظا استقلالا ، لكن هذا اللحاظ لا يكون جزء الموضوع له بل هو طريق إلى الموضوع له ، لاستحالة وضع اللفظ للمعنى بدون تصور المعنى ، لكن لا يلزمه أن يكون ذلك التصور جزءا أو قيدا للموضوع له ، بل هو طريق صرف إلى المعنى الموضوع له.
لكن الاشكال المذكور إنما يندفع بالنسبة إلى الموضوع له ، أما بالنسبة إلى مقام المستعمل فيه فهو غير مندفع ، لأن المستعمل لا بد له من لحاظ المستعمل فيه إمّا آليا أو استقلاليا ، فتجريده عن كل منهما يوجب ارتفاع الضدين اللذين لا ثالث لهما ، وكونه في مرتبة الاستعمال ملاحظا إياه آليا أو استقلاليا لا يجدي ، فان مرتبة الاستعمال متأخرة عن مرتبة المستعمل فيه ، ولا بدّ له في مرتبة المستعمل فيه من لحاظه بأحد اللحاظين ، اللهم إلاّ أن يقال إنه يلاحظ المستعمل فيه استقلاليا ، نظير لحاظ الواضع الذي عرفت أنّ لحاظه للموضوع له استقلاليا طريق لا يوجب دخوله في الموضوع له ، أو يقال إن لحاظه المستعمل فيه في مرتبة الاستعمال آليا أو استقلاليا كاف عن لحاظ المستعمل فيه في الرتبة السابقة على الاستعمال ، ولو تمت هذه الجهة ، وتمت أيضا الجهة السابقة وهي تقييد ولو بنحو التعليق ، ولم يكن انتفاء الشرط موجبا لانتفاء أصل الوضع ، لكان مسلك الكفاية هو المتعين ، دون مسلك شيخنا قدسسره من التشبث بالفرق بين الاسم والحرف بالاخطار والايجاد ، إذ لا تخلو هذه الطريقة من تكلف ،