الاستقلالي آليا ، فان اللحاظ الآلي واللحاظ الاستقلالي لو لم نجعله قيدا في الموضوع له ولا شرطا من الواضع على المستعملين ، بل جعلناه من قبيل تقييد دائرة الوضع ، كان من قبيل [ تقييد ](١) دائرة الملكية أو الاختصاص ، بأن نملّك الثوب لزيد فيما إذا لبسه في النهار دون ما لو لبسه في الليل ، وذلك ممتنع ما لم نجعله شرطا على زيد بأن يلبسه في النهار.
اللهم إلا أن يجعل الشرط المذكور على نحو التعليق بأن يقول له : هذا ملك لك إن لبسته في النهار ، لكن لو لبسه في الليل انتفت الملكية من أصلها ، فلو جعلنا الشرط فيما نحن فيه بأن يقول إنّي وضعت لفظة « من » للابتداء إن استعملتها فيه في مقام لحاظه آليا ، كان مقتضاه أنه لو استعمله في الابتداء في مقام لحاظه استقلاليا انتفى الوضع من أصله ، ولو قلنا إن لازمه انحصار الوضع بصورة استعماله آليا دون استعماله استقلاليا رجع إلى ما تقدم من تقييد الاختصاص والملكية في حالة دون حالة وهو غير ممكن ، وإن قلنا بامكان تقطيع الملكية كما في الوقف على الطبقات بناء على أنّه من مقولة التمليك.
وبالجملة : الظاهر أن هذا الاشكال مما يصعب دفعه. نعم الاشكال عليه بلزوم ارتفاع النقيضين أو الضدين اللذين لا ثالث لهما ، قابل للاندفاع ، فإنّه بعد البناء على كون الموضوع له والمستعمل فيه مثلا هو نفس الابتداء مجردا عن اللحاظ ، وأن اللحاظ الآلي والاستقلالي إنما يكون في مقام الاستعمال ، فان ذلك المقام هو مقام اللحاظ المنقسم إلى الآلي والاستقلالي ، فقبل الوصول إلى ذلك المقام قهرا يكون المعنى مجردا عن
__________________
(١) [ لم يوجد في الأصل وإنما أضفناه للمناسبة ].