مفاهيم الأسماء بعد ما لم يوجد فيها جهة الارتباط إلى الغير ، فلا جرم كانت عارية عن الارتباط المزبور في عالم الذهن ، وحينئذ أين الارتباط في البين كي يكون اللفظ حاكيا عنه ، فلا محيص إلا من الالتزام بكون اللفظ موجدا للارتباط بين المفهومين.
أقول : ما افيد كذلك لو كانت المعاني الاسمية الموضوعة للماهيّة المهملة موجودة في الذهن بوصف عرائها عن التقييد والتجرّد المساوق للاطلاق ، وإلا فبناء على التحقيق من استحالة تحقق المعنى اللابشرط المقسمي في الذهن إلا بشكل التجرد أو بشكل التقيّد ، فعند إرادة المقيّد لا بد وأن يكون المعنى الحاضر في ذهن المتكلم واجدا للتقييد ، وبعد ذا يحكي المتكلم عن ذات الماهية المحفوظة في المقيد بالاسم وعن تقيدها بالحرف كما يحكي عن تجرّدها المساوق لاطلاقها المسمّى باللابشرط القسمي بدال آخر ولو مثل مقدمات الحكمة ، وإلا فجهة الاطلاق كجهة التقييد زائدة عن ذات المعنى الاسمي ، فيلزم أن تكون مقدمات الحكمة ايضا موجدة لاطلاق المعنى لا حاكية عنه ، ولا أظن أن يلتزمه أحد. فنحن حينئذ نقول : إنّ الحاكي عن التقييد كالحاكي عن الاطلاق بدال آخر لا بأسباب موجدة اخرى كما لا يخفى (١).
والظاهر منه الالتزام بكون المعاني الحرفية قيودا في المعاني الاسمية ومع ذلك قد صدّر كلامه بأنها للنسب ، فلا بد أن يكون القيد هو مدخول الحرف لا الحرف نفسه ، وإلا لم يكن مفاد الحرف هو النسبة والارتباط.
ثم لا يخفى أن الاطلاق الثابت بمقدمات الحكمة ليس هو من
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٩١ ـ ٩٤.