إلى آخره ، ليس بناظر إلى جميع الإنشائيات التي يمكن تأديتها بصور الجمل الخبرية ، بل إنّما هو ناظر إلى ما لو اشترك الإنشاء والاخبار بهيئة واحدة مثل بعت ، ومثل أنت حر ، ومثل هند طالق ، ومثل تقوم في مقام الإخبار والإنشاء ، وكذلك أستفهم وأترجى وأتمنى ، بل وكذلك قوله عليهالسلام : « أدعوك يا ربّ بلسان قد أخرسه ذنبه » (١) إلى غير ذلك ممّا كانت الجملة الواحدة فيه تستعمل في مقام الإخبار والإنشاء ، فالقول بأنّ ذلك من اختلاف الدواعي مع وحدة الموضوع له صحيح لا غبار عليه.
ودعوى تعدّد الوضع ، وأنّ الاختلاف في مثل بعت الخبرية والإنشائية وغير ذلك من الجمل المذكورة إنّما هو من ناحية الوضع كما هو المستفاد من قوله : ويترتب على ما ذكرناه في بيان الفرق بين الإنشاء والإخبار أنّ الاختلاف بينهما من ناحية الوضع ، إلخ (٢) ولازمه تعدّد الوضع في بعت ونحوها.
ممّا لا وجه لها ولا دليل عليها ، سواء ضم إلى ذلك الاختلاف في الموضوع له أو اقتصر فيه على الاختلاف في الوضع ، ولكن ظاهره بل صريحه تحقق الاختلاف في الموضوع له كما تضمّنه قوله : فالإخبار والإنشاء يشتركان في تحقّق الإبراز بهما ، والفرق بينهما هو : أنّ المبرز في الإخبار حيث إنّه عبارة عن قصد الحكاية وهو متّصف بالصدق أو الكذب ـ إلى قوله ـ وهذا بخلاف المبرز في الإنشاء ، فإنّه اعتبار خاص لا تعلّق له بوقوع شيء ولا بعدمه. وذلك صريح في أنّ الفرق بينهما في مقام الوضع
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٨ : ٨٣ ، مفاتيح الجنان : ١٨٧ ( نقل بالمضمون ).
(٢ و ٣) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٣٧.