الموضوع كليا تحته أنواع ، ويمكن القول بأنّ المادة أيضا كذلك ، نظرا إلى أنّ الموضوع هو مادة الضرب بأيّ صورة تلبست ، كما أنّ الهيئة هو نفس الصورة على أيّ مادة طرأت ، لكن ذلك كلّه مبني على تعدّد الوضع ، وأنّ المادة موضوعة بوضع مستقل كما أنّ الهيئة كذلك ، ويمكن تطرق المنع إليه ؛ فإنّ الواضع لا بدّ أن يأخذ اللفظ ويتصوّره ويضعه للمعنى خصوصا بناء على ما ذكرناه في شرح حقيقة الوضع أعني الاختراع ، ومن الواضح أنّ لفظ المادّة لا يمكن أن يكون عاريا عن الهيئة ، كما أنّ لفظ الهيئة لا يمكن أن يكون عاريا عن المادّة ، فلا بدّ للواضع حين وضعه المادّة من إلباسها بهيئة ما ، وكذلك في حال وضعه للهيئة لا بدّ له من إلباس مادّة بها ، وذلك محتاج إلى التفكيك في الموضوع ، يعني أنّه ينظر إلى لفظ الضرب ويقول وضعت هذا النحو من المادّة الموجودة فيه بأي صورة تلبست ، وينظر إلى لفظ الضارب أو الفاعل ويقول : وضعت هذا النحو من الهيئة الموجودة في هذه المادّة على أيّ مادة وقعت لمن تلبس بالمبدإ ، ويكون المنظور إليه في الأوّل كلّي المادّة وفي الثاني كلّي الهيئة أينما وجدا ، وفي ذلك من التكلّف ما لا يخفى ، سيّما على وتيرة ما ذكرناه من مبدأ الوضع وكيفية الاختراع.
فالأولى أن يقال : إنّ الموضوع هو المجموع المركب من المادة والهيئة ، كل بوضع على حدة ، غايته أنّ فلاسفة اللغة في مقام الضبط والتحرير انتزعوا من هذه الطائفة مادّة أعني طائفة المشتقات التسعة من مادّة واحدة ، وقالوا هي اسم الحدث ، وانتزعوا من تلك الطائفة ـ أعني ما تلبس بهيئة فاعل من جميع المواد مثل ضارب وقائم وقاعد إلى آخر المواد ـ (١)
__________________
(١) [ في الأصل هنا زيادة « وانتزعوا منها » حذفناها للمناسبة ].