مرتبة الاستقذار والاستبشاع بمستوى أدنى من الحالة السابقة فإنّ هذا يكشف عن ان حكم هذا الفعل عند الله تعالى هو الكراهة.
وهذا المعنى للاستحسان يمكن ان يستفاد من كلام الشافعي ـ والذي لا يرى حجية الاستحسان ـ حيث قال في مقام الرد على دعوى حجية الاستحسان : « أفرأيت اذا قال المفتي في النازلة ليس فيها نص خبر ولا قياس وقال استحسن ، فلا بدّ ان يزعم انّ جائزا لغيره ، ان يستحسن خلافه فيقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن ، فيقال في الشيء الواحد بضروب من الحكم والفتيا ، فإن كان هذا جائزا عندهم فقد أهملوا أنفسهم فحكموا حيث شاءوا وان كان ضيقا فلا يجوز ان يدخلوا فيه ».
فإنّ هذا النص كما تلاحظون صريح في انّ الشافعي يفهم من الاستحسان المعنى الذي ذكرناه ، وذلك لأنّ ملاحظته في مرتبة متأخرة عن فقدان النص يعبّر عن انّ الاستحسان ليس بمعنى تقديم أقوى النصين ظهورا أو سندا ـ كما ذكر البعض ـ وملاحظته مترتبا على القياس يعبّر عن ان الاستحسان ليس بمعنى العدول عن قياس الى قياس أقوى ـ كما ذكر البعض ـ كما يعبّر عن انّ الاستحسان لا يدخل تحت أيّ وجه من وجوه القياس المذكورة ، ومن هنا يتمحض معنى الاستحسان ـ بحسب فهم الشافعي ـ في مجموعة من المحتملات.
منها انّ مراد الشافعي من الاستحسان هو المصالح المرسلة ، وهذا الاحتمال غير مراد جزما ، وذلك لانّ المصالح المرسلة تخضع لضوابط عقليّة أو عقلائية أو شرعية كما سيتضح ذلك في الحديث عن المصالح المرسلة ، فلو كان مراده ذلك لكان إشكاله ـ وهو انّه يلزم من القول بحجية الاستحسان « ان يقول كل