الاستحسان العقلي هو مطلق ما يستحسنه العقل الأعم من العقل النظري والعملي والقطعي والظني.
والظاهر من التعريف انّ المتعين هو الاحتمال الثاني ، وذلك لعدم وجود ما يوجب اختصاصه بالاول ، ومن هنا يكون الاستحسان شاملا للقياس والاستقراء وسدّ الذرائع ، لانها جميعا من صغريات ما يستحسنه العقل الاعم من القطعي والظني ، وعليه فليس الاستحسان ـ بناء على هذا المعنى ـ دليلا مستقلا في مقابل الدليل العقلي ، وذلك حتى بناء على الاحتمال الاول ، وهذا ما يعبّر عن وجود خلل في التعريف.
المعنى الثالث : انّ الاستحسان هو « العدول بحكم مسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة ». وهذا التعريف نقله ابن قدامة أيضا.
واحتمالات المراد من هذا التعريف ثلاثة :
الاول : انّ الاستحسان يعني تقديم الدليل المخصص من الكتاب والسنة على عمومات الكتاب واطلاقاته وكذلك عمومات السنة واطلاقاتها. مثلا قوله تعالى ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ ) (٧) ، فالآية الكريمة تدلّ باطلاقها على حلّية أكل طعام البحر ، فلو ورد دليل من السنة مفاده « حرمة أكل ما لا فلس له » فإنّ هذا الدليل يكون مقدما بالاستحسان أي بقاعدة حمل المطلق على المقيد والعام على الخاص.
الثاني : انّ المراد من الاستحسان هو تقديم الآيات والروايات ـ في مقام التعرّف على الحكم الشرعي ـ على سائر الأدلة الاخرى سواء كان من قبيل الإجماع أو العقل أو القياس أو ما الى ذلك فكل ما سوى الكتاب والسنة يكون في مرحلة متأخرة عنهما في مقام المرجعية ، أي لا يلجأ الى غير الكتاب والسنة في موارد اشتمالهما أو أحدهما