على حكم المسألة المبحوث عنها.
الثالث : انّ الاستحسان يعني الخروج عمّا يقتضيه القياس بسبب وجود دليل خاص من الكتاب والسنة ، بمعنى انّه في فرض التعارض بين ما يدلّ عليه الكتاب والسنة وبين ما يقتضيه القياس فإنّ الاستحسان يقتضي تقديم ما يدلّ عليه الكتاب والسنة.
والظاهر إرادة هذا المعنى من التعريف بقرينة قوله « العدول بحكم مسألة عن نظائرها » ، فإنّ هذا التعبير يناسب القياس والذي يعني إسراء حكم من مسألة الى نظائرها من المسائل ، فلو كانت احدى هذه المسائل مما قام الدليل الخاص من الكتاب والسنة على انّ حكمها مناف لحكم نظائرها من المسائل فإنّ مقتضى الاستحسان هو تقديم الدليل الخاص من الكتاب والسنة.
والذي يؤكد ما ذكرناه انّ التعبير بالعدول لا يناسب التخصيص ـ والذي هو الاحتمال الاول ـ إذ انّ العدول يستبطن وجود قاعدة كلية متبناة تقتضي حكما معينا إلاّ انّ ثمة شيئا أوجب العدول عن هذه القاعدة ، والتخصيص ليس من هذا القبيل ، وذلك لأنّ المخصص لو كان متصلا فإنّ حكم المسألة المستفاد من المخصّص ثابت بنفس الخطاب المفيد للعموم ، فليس من قاعدة تقتضي حكما مغايرا وتكون المسألة الخارجة بالتخصيص مشمولة له أولا ثم تخرج بواسطة الدليل الخاص حتى يصدق العدول ، إذ انّ العموم من أول الأمر لا يشمل المسألة الخارجة بالمخصص المتصل ، وأمّا لو كان المخصّص منفصلا فكذلك لا يكون التعبير بالعدول دقيقا لو كان المراد منه التخصيص ، إذ ان التعويل على الاطلاق أو العموم قبل الفحص عن المخصّص أو المقيّد غير صحيح ، وذلك للعلم الإجمالي بوجودات