يصنّفون الدليل العقلي الى البراءة والاستصحاب ـ ويجعلون استصحاب حال العقل في أقسام الاستصحاب ـ وقد يضيفون اليها الملازمات العقلية وكذلك غيرها.
وصاحب الحدائق رحمهالله وان كان قد ذكر هذا التصنيف وأفرد للاستصحاب عنوانا مستقلا عن البراءة الأصلية في المقدمة الثالثة إلاّ انّه بعد ان ذكر أقسام الاستصحاب ذكر انّ القسم الاول منها هو « استصحاب نفي الحكم الشرعي وبراءة الذمة منه الى ان يظهر دليله » ثم قال : « وهو المعبّر عنه بالبراءة الأصلية الذي تقدم الكلام عليها بمعنييها ».
وكيف كان فالمراد من حال العقل هو الحالة التي عليها العقل من إدراك براءة ذمة المكلّف عن كلّ تكليف إلزامي لم يقم دليل على ثبوته ، وبهذا يكون المراد من استحباب حال العقل هو استصحاب المدرك العقلي.
والظاهر انّ الاستصحاب هنا يعني الرجوع الى الحكم العقلي القاضي ببراءة الذمة عن التكليف الإلزامي غير المعلوم ، وليس المراد منه الاستصحاب الاصطلاحي المقتضي للبناء على الحالة المتيقنة في ظرف الشك ، نعم فسّر الفاضل التوني « الحال » بالحالة السابقة ، وهذا يعبّر بدوا عن انّ المراد من استصحاب حال العقل هو الاستصحاب الاصطلاحي إلاّ انّ الظاهر عدم إرادته لذلك بقرينة تفسيره للحالة السابقة بعدم اشتغال الذمة في الزمن السابق ، وواضح انّ عدم اشتغال الذمة انّما ثبت بواسطة حكم العقل ببراءة الذمة عن كلّ تكليف لم يقم على ثبوته دليل ، وهذا الافتراض وهو عدم قيام الدليل يظلّ منقّحا لموضوع الحكم العقلي بالبراءة مطلقا ، فليس ثمة حالة يمكن افتراضها مجرى لاستصحاب حال العقل ولا يكون موضوع الحكم العقلي بالبراءة