تعرض الموضوعات بواسطة محمولات ثانوية اخرى. فإن بعض المحمولات يتوقف عروضها للموضوع على عروض محمولات ثانوية للموضوع ، وهذه هي المحمولات الثالثية ، وهكذا قد يتوقف عروض بعض المحمولات للموضوع على عروض محمولات ثالثية فتكون تلك المحمولات رابعية وهكذا ، فقولنا : « زيد متكلّم » معناه الفراغ عن وجوده المحمولي ، إذ لا يتصف زيد بالتكلّم ما لم يكن موجودا فالتكلّم اذن من المحمولات الثانوية ، أما حينما يقال : « زيد فصيح » فإنّ الاتصاف بالفصاحة لا يتوقف على وجود زيد فحسب بل هو منوط بكون زيد متكلما ، إذ انّ الاتصاف بالفصاحة فرع الاتصاف بالتكلّم فهي إذن محمول ثالثي ، والتعبير عنه بالمحمول الثانوي انّما هو في مقابل المحمول الأولي.
ومع اتّضاح ما ذكرناه نقول انّ الشك في المحمولات الثانويّة يمكن تصنيفه الى ثلاثة أقسام :
القسم الاول : ان يكون الشك في بقاء المحمول الثانوي مسبّبا عن الشك في بقاء المحمول الأولي والذي هو الوجود ، كما لو شككنا في فقر زيد بسبب الشك في وجوده بحيث لو كان وجوده محرزا لما وقع الشك في بقائه على الفقر بل يكون الفقر حينئذ محرزا ، واذا كان كذلك فمآل الشك روحا الى الشك في بقاء الموضوع وهو زيد ، ومن هنا وقع الإشكال في جريان استصحاب فقر زيد ، إذ كيف يجري استصحاب المحمول مع افتراض انّ الموضوع غير محرز ، وليس من أثر يترتب على صفة الفقر إذ لم تكن هذه الصفة في موضوع ، وإجراء الاستصحاب في الموضوع لا ينقّح بقاء الفقر إلاّ بنحو الأصل المثبت ، إذ انّ الفقر ليس من الآثار الشرعية لبقاء