بالعلم علما تنزيلا ، وجعل مورد قاعدة التجاوز وهو الشك بعد تجاوز المحل علما تنزيلا. إلاّ انّه وقع الخلاف بين الشيخ النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله فيما هو الملحوظ حين تنزيل مورد الاصل منزلة العلم ، فهل الملحوظ هو الجري العملي أو ان الملحوظ هو الطريقية والكاشفية.
وبتعبير آخر : هل انّ تنزيل مورد الأصل منزلة العلم هو تنزيله من جهة الجري العملي أو تنزيله من جهة الكاشفية عن الواقع؟
لا يخفى عليك انّ للعلم شئون ومقتضيات مترتبة عنه ، فمن هذه الشئون هي الكاشفية عن الواقع كما انّ منها اقتضاؤه للجري العملي أي اقتضاؤه للتحرّك نحو الفعل المعلوم لو تعلّق الغرض بفعله. وسيأتي تفصيل ذلك في محلّه.
ومع اتّضاح هذه المقدمة نقول : انّ المحقق النائيني رحمهالله ذهب الى انّ تنزيل مورد الأصل منزلة العلم انما هو من جهة الجري العملي ، فكما انّ العلم يقتضي الجري والتحرّك على وفق ما يقتضيه المعلوم فكذلك الشك المسبوق بالعلم ـ مثلا ـ يقتضي ذلك ، فالشارع لم ينزّل مورد الاستصحاب منزلة العلم من تمام حيثيات العلم وانما نزله منزلة العلم بلحاظ حيثية واحدة من حيثياته وهي الجري العملي ، وهذا ما تم التعرّف عليه من ملاحظة لسان دليل أصالة الاستصحاب. كقوله عليهالسلام « انت على يقين من وضوئك ».
وأما السيد الخوئي رحمهالله فبنى على انّ التنزيل المستفاد من لسان دليل الأصل هو التنزيل بلحاظ حيثية اخرى من حيثيات العلم وهي الكاشفية والطريقية للواقع ، فمعنى تنزيل مورد الأصل منزلة العلم هو ان لمورد الاصل ما للعلم من كاشفية عن الواقع ، فكما انّ العلم طريق للواقع فكذلك مورد الاصل.