ناشئة عن علته التامة ، فهي ضرورية ولكن بالغير ، وعندئذ يقع البحث عن منشأ الضرورة فإذا كانت ناشئة عن مقدمات وكانت بعض هذه المقدمات هي إرادة واختيار الفاعل فإنّ الفعل المترتّب عليها يكون اختياريا ، إذ انّ الفاعل كان قادرا على عدم ايقاع الفعل بواسطة عدم ايجاد علّته ومن الواضح انّ القدرة على ترك الفعل بواسطة ترك علته معناه اختيارية الفعل ، إذ انّ الفعل الاختياري هو الفعل الذي يكون للمكلّف فعله وتركه ولو بواسطة ايجاد علته الاختيارية أو اعدامها.
وبهذا يتضح انّ المراد من الامتناع هو الامتناع بالغير والذي هو ضرورة الوجود أو ضرورة العدم الناشئة عن غير مقام الذات لمتعلّق الضرورة ، وذلك في مقابل الضرورة الذاتية أي الناشئة عن مقام الذات لمتعلقها كاقتضاء ذات الباري جلّ وعلا للوجود ، فالوجوب الثابت لذاته تعالى ناشئ عن مقام ذاته « جلّت أسماؤه » ، وهكذا ضرورة العدم الثابتة لشريك الباري فإنها ناشئة أيضا عن مقام الذات لشريك الباري ، فيكون حاصل المراد من القاعدة هو انّ الضرورة المستندة الى اختيار علتها يقتضي اختيارية ذي الضرورة.
وأمّا المراد من القاعدة في كلمات الاصوليين فالظاهر انّه لا يختلف عما هو المراد منها في علم الكلام ، إلاّ انّ السيد الخوئي رحمهالله في المحاضرات ذكر انّ المراد من الامتناع في القاعدة هو الامتناع الوقوعي ، وذكر في الدراسات انّ المراد من الامتناع هو الامتناع الحقيقي.
والظاهر انّ مقصوده من الامتناع الوقوعي هو ضرورة وقوع الفعل عند ايجاد مقدماته الاختيارية التوليدية ، وهذا بخلاف ما هو المراد من الامتناع عند المتكلّمين حيث انّ مقصودهم منه