من الأعلام الى انّ الطلب من المعاني التي وضع لفظ الأمر للدلالة عليه ، فتكون مادة الأمر ـ بناء على هذه الدعوى ـ من المشتركات اللفظية. والخلاف بين هؤلاء الأعلام فيما هي المعاني الاخرى التي وضعت مادة الأمر للدلالة عليها. فمنهم من زعم انّ مادة الأمر موضوعة ـ بالإضافة للطلب ـ للشيء والحادثة والغرض والشيء العجيب والفعل.
وذهب صاحب الكفاية رحمهالله الى انّ مادة الأمر موضوعة للطلب وللشيء فحسب ، وانّ سائر المعاني المذكورة ترجع لمعنى الشيء وانه وقع خلط بين المفهوم والمصداق ، وانّ لفظ الأمر لم يستعمل في هذه المعاني ، نعم هو مستعمل في مصاديقها ، وهو خارج عن محل البحث ، إذ انّ البحث انما هو عن المفهوم الذي وضعت مادة الأمر بإزائه وللدلالة عليه.
ثم انّ هناك أقوالا اخرى أعرضنا عن ذكرها لعدم ترتّب ثمرة تذكر من بيانها ، والمهم في المقام هو التعرّض لمسألتين :
المسألة الاولى : هي انّه هل يعتبر في صدق الأمر صدوره من العالي للداني وانّ الآمر في مقام الاستعلاء ، أو لا يعتبران معا ، أو يعتبر الأول دون الثاني أو الثاني دون الاول؟ أقوال :
ذهب جمع من الأعلام كصاحب الكفاية والسيد الخوئي والسيد الصدر رحمهمالله الى اعتبار العلو في صدق الأمر وانّ صدور الأمر من المستعلي إذا لم يكن عاليا لا يكون أمرا ، كما انّ صدور الأمر من العالي على غير وجه الاستعلاء يعدّ بنظر العرف أمرا ، واستدلّ السيد الخوئي رحمهالله على ذلك بالوجدان وانّ صدوره من العالي هو المصحح لانتزاع عنوان البعث والتحريك والتكليف وانّه يصحّ سلب الأمر عن الطلب اذا صدر من الداني المستعلي ، بأن يقال : انّ طلب المستعلي