الداني ليس أمرا.
وذهب السيد الإمام رحمهالله الى اعتبار الاستعلاء بالإضافة الى العلو ، فإنّ مثل قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ) (٢٣) وكذلك قوله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) (٢٤) لا يعدّ أمرا لأنّه لم يصدر على وجه الاستعلاء.
المسألة الثانية : في دلالة الأمر على الوجوب فنقول : انّه قد وقع الاتفاق على انّ الأمر ظاهر في الوجوب ، وانّ ذلك هو مقتضى المتفاهم العرفي من الأمر عند اطلاقه وعدم وجود ما يوجب صرفه عن ذلك.
نعم وقع الخلاف بين الأعلام فيما هو منشأ هذا الظهور ، فالمشهور زعموا انّ منشأ الظهور هو الوضع ، وانّ مادة الأمر كذلك صيغته وضعتا للدلالة على الطلب الوجوبي.
واستدلوا لذلك : باستعمالات أهل اللسان والمحاورة لمادة الأمر وهيئته كقوله تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) إذ لا معنى للتحذير عن مخالفة الأمر لو لم يكن مفيدا للطلب الوجوبي ، ولكان عليه عندئذ ان يقيّد الأمر المحذّر عن مخالفته بالامر الوجوبي.
وفي مقابل دعوى المشهور ذهب المحقق النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله الى انّ المنشأ لظهور الأمر في الوجوب هو حكم العقل بتقريب حاصله : انّ العقل يدرك عند صدور الطلب من المولى لزوم الطاعة وانّه ليس للمكلّف التخلّف عنه ، إذ انّ ذلك هو ما تقتضيه عبوديته للمولى جلّ وعلا ، نعم لو رخّص المولى في ترك متعلّق الطلب فإنّ للمكلّف عندئذ تجاوزه وعدم الجري على وفقه ، أما مع عدم الترخيص فالعقل يدرك مسئولية المكلّف عن امتثال أمر المولى أداء لحقّ المولوية.
فالأمر في حدّ نفسه ليست له دلالة