والانبعاث عن الأمر بعد ان كان التكليف غير معلوم ، والاحتياط لا يحقق الامتثال المطلوب بعد تعذّر قصد الامتثال المعتبر في الامتثال ، ومن هنا يقبح التكليف بالامتثال مع قصد الامتثال لانّه تكليف بما لا يطاق. ولمزيد من التوضيح راجع « استصحاب حال العقل ».
وكيف كان فلا صلة لما ذكره ابن زهرة رحمهالله ـ حتى بناء على توجيه الشيخ الأنصاري رحمهالله ـ بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ثم انّ المحقق الحلّي رحمهالله والذي يأتي في مرحلة متأخرة عن الشيخ ابن زهرة رحمهالله ذكر انّ المدرك لحجية البراءة هو استصحاب حال العقل ، بمعنى انّ المكلف كان محرزا لبراءة ذمته عن التكليف فحين الشك يستصحب البراءة الأصلية إلاّ ان يقوم دليل على الخلاف ، وهذا الذي بنى عليه المحقق الحلّي رحمهالله تلقّاه كثير ممن جاء بعده بالقبول حيث بنوا على انّ حجية البراءة إنّما نشأت عن الاستصحاب والذي هو حجّة بحكم العقل بمقتضى كاشفية الحالة السابقة عمّا عليه الواقع في ظرف الشك ، وهذا لا يتصل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ثم انّ للمحقق رحمهالله كلاما آخر حاصله :
انّ الفقيه عند ممارسته لاستنباط الحكم الشرعي من أدلته يبحث عن الحكم في الأدلة التي يعلم انّ الشارع قد ارتضاها وسائل للوصول للحكم الشرعي ، فهو يبحث عن الحكم في الكتاب والسنة والإجماع فإذا لم يجد في هذه الأدلة ما يساعد على ثبوت أو نفي الحكم المبحوث عنه بحيث يحصل له القطع ـ من جرّاء الفحص ـ بعدم وجود دليل على الحكم المبحوث عنه فإنّ بامكانه نفي هذا الحكم ، أي نفي التكليف به ، وذلك لأنّ التكليف بما لا دليل عليه تكليف بما لا يطاق.
ودعوى انّه قد يكون هناك دليل لم