القياس البرهاني هو ما يتألّف من كبرى وصغرى يقينيتين من جهة المادة والصورة ، وحينئذ يكون منتجا لليقين بالمطلوب المعبّر عنه بالمجهول التصديقي.
ومنتجيّة القياس لليقين بالمطلوب ينشأ عن الحدّ الأوسط ، إذ هو علّة اليقين بثبوت الأكبر للأصغر « النتيجة » ، وذلك لوجود علقة ثبوتيّة واقعيّة بين الحدّ الأوسط والحدّ الأكبر ينشأ عنها صلاحيّة الحدّ الأوسط للوسطيّة في الإثبات ، أي انّ صلاحيّة الحدّ الأوسط للكشف عن ثبوت الأكبر للاصغر ينشأ عن العلاقة الواقعيّة بين الحدّ الأوسط والحدّ الأكبر ، فلا بدّ وأن يكون الحدّ الأوسط علّة للحدّ الأكبر أو معلولا له أو تكون بينهما ملازمة واقعيّة ناشئة عن كونهما معلولين لعلّة ثالثة.
وباتضاح ذلك نقول : انّ الحدّ الأوسط إذا كان علّة لوجود الأكبر فإنّ كاشفيّته عن ثبوت الأكبر للأصغر يعبّر عنها بالبرهان اللمّي ، وحينئذ يكون الحدّ الأوسط بالإضافة الى انّه واسطة ثبوتيّة هو واسطة في الإثبات ، فهو واسطة في الثبوت لافتراضه علّة لوجود الأكبر ، وهو واسطة في الإثبات باعتبار كاشفيّته عن ثبوت الأكبر للأصغر.
فالبرهان اللمّي هو الحدّ الأوسط الكاشف عن ثبوت الحدّ الأكبر للأصغر على أن تكون علاقته بالحدّ الأكبر علاقة العلّة بالمعلول ، وبتعبير آخر : انّ البرهان اللمّي هو ما يكون واسطة ثبوتيّة وواسطة إثباتيّة في آن واحد.
وبهذا يتّضح بأنّ الوصول للنتيجة في البرهان اللمّي يتوقف على احراز عليّة الحدّ الأوسط للحدّ الأكبر ، وهذا ما يكون واقعا موقع الكبرى في القياس البرهاني ، كما يتوقف على احراز وجود الحدّ الأوسط والذي هو العلّة للأكبر ، وهذا ما يكون في موقع صغرى القياس البرهاني ، وعندها