الواقعي بل لأن الأحكام مجعولة على موضوعاتها المقدرة الوجود ، فحينما لا يكون الموضوع متحققا خارجا لا يكون الحكم المجعول فعليا.
فالتزاحم إذن يوجب انتفاء فعلية أحد الحكمين بسبب اقتضائه لانتفاء موضوعه ، وهذا بخلاف التعارض فإنّ الحكم في كل دليل ينفي ـ في مورد التعارض ـ الحكم في الدليل الآخر حتى لو اتفق تحقق موضوعه خارجا وحتى لو كان المكلّف قادرا على الجمع بين مؤدى الدليلين المتعارضين ، كما في بعض حالات التعارض العرضي فإنّ بإمكان المكلف ان يصلّي الجمعة والظهر ، وأما في فرض التزاحم فإنّ هذه الحالة لا تتفق أصلا.
ثم انّ هنا منبه آخر على الفرق بين التزاحم والتعارض ، فالتزاحم يختلف باختلاف المكلفين ، فقد يتفق ان يكون المكلّف قادرا على الجمع بين التكليفين فلا تكون أحكام التزاحم جارية في حقّه بخلاف مكلف آخر كانت قدرته أضيق من ان تجمع بين تكليفين ، فالمكلّف الاول مثلا قادر على ان يجمع بين امتثال وجوب النفقة على الزوجة ووجوب النفقة على الأب وأما الآخر فإنّه لا يقدر على الجمع بين الوجوبين ، كما قد تنعكس الحالة فيصبح القادر عاجزا والعاجز قادرا ، وهذا يعني انّ حالة التزاحم قد لا تظلّ مطردة في المكلّف الواحد فقد تعرضه ثم تزول عنه ثم تعرضه وهكذا ، فتكون أحكام التزاحم جارية في حقه متى ما طرأت حالة التزاحم عليه ومتى ما زالت يكون مسئولا عن الجمع بين التكليفين.
وأما التعارض فليس كذلك ، إذ انّ ترجح أحد الدليلين لا يختلف باختلاف المكلفين ، فلو كان المرجح مقتضيا لتقديم الدليل الاول على الآخر فإنّ ذلك يكون مطردا في تمام الأزمنة ولتمام المكلفين.