وبهذا اتضح انّ الفرق بين التزاحم والتعارض بيّن جدا ، ومن هنا لا يقع الشك في مورد من جهة انّه من باب التعارض أو التزاحم ، ولهذا لا تكون هناك حاجة لتأسيس أصل يكون مرجعا في حالات الشك كما أفاد السيّد الخوئي رحمهالله ونقل انّ المحقّق النائيني رحمهالله كان يقول : بأنّ القول ان الأصل في موارد الشك هو التعارض أو التزاحم أشبه شيء بان يقال : انّ الاصل في الاشياء الطهارة أو صحة بيع الفضولي.
وهنا أمر يجدر التنبيه عليه ، وهو انّ خروج التزاحم عن التعارض يرتكز على كبريين لا بدّ من التسليم بهما في مرحلة سابقة وإلاّ فمع عدم التسليم بهما أو باحداهما يكون التزاحم داخلا في التعارض.
الاولى : هي إمكان الترتب بين الاحكام المتزاحمة ، بأن تقول انّ المكلّف لو عصى التكليف الاول الاهم ـ مثلا ـ فإنّ التكليف المهم يصبح فعليا في حقه ، وهذا هو الترتب المقتضي لترتب الفعلية للتكليف الآخر عند عدم امتثال التكليف الاول.
فلو بنينا على عدم امكان الترتب لافضى ذلك الى التنافي بين الحكمين في مقام الجعل والذي هو التعارض ، وذلك لأنّه لمّا كان كل حكم مشروط بالقدرة على امتثاله ، فهذا معناه تحقق القدرة على التكليفين في ظرف عدم امتثالهما فيكون التكليفان فعليين في ظرف عدم الامتثال ، وهو مستحيل ، لأنه من غير المعقول ان يكونا مشروطين بالقدرة ومع ذلك يكونان فعليين في ظرف عدم امتثال الاهم ، إذ انّه لو بادر لامتثال الاهم فإنّه يكون عاجزا عن امتثال الآخر ، ومن هنا لا بدّ من الالتزام بأن التكليف المهم ينفي اطلاق الأهم لحالات عدم امتثاله وانّ التكليف الأهم ينفي تشريع المهم وجعله حتى في ظرف القدرة على