على حسب فهمه وقدرته ، فيحصل لكلّ مع سلوكه على ما يطيقه وعلى حسب ما يتيسّر له من الإدراك صراط يوصله إلى الجنّة غير صراط الآخر ، وكلّ مستقيم بالنسبة إلى سالكه وبحسبه إذا أدّى حقّ سلوكه ، لا أقول كما يقوله بعض المتصوّفة من أنّ مآل سلوك كلّ أحد إلى الجنّة ؛ وإن ذهب إلى ما ذهب من المذاهب الفاسدة ، حتّى عابد الوثن وعابد صنمي قريش وجبتيها ، كيف وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ستفترق امّتي على بضع وسبعين فرقة كلّهم في النار إلّا من اتّبع عليّ بن أبي طالب (١).
وقال الله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٢).
وقال : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٣). وغير ذلك ممّا لا يحصى من الأخبار والآيات.
وجميع ما ذهب فيه أرباب المذاهب الباطلة وإن كان صراطا إلّا أنّه ليس مستقيما ، والسلوك في غير المستقيم ضلالة لا هداية ، فكما أنّ المستقيم من الصراط موصل إلى النعيم كذلك غيره موصل إلى الجحيم ، والمستقيم لا يكون إلّا واحدا وهو أدقّ من الشعر كالخطّ الهندسيّ الفاصل بين نور الشمس وظلّه ، فإنّه لدقّته لا يعدّ من النور ولا من الظلّ ، وكما لا يكون للدائرة إلّا مركز واحد وهو النقطة الواحدة في وسطها ، كذلك لا يكون الحقّ إلّا واحدا.
__________________
(١) في البحار ٢٨ : ٣٠ ؛ حديث قريب منه.
(٢) آل عمران : ١٩.
(٣) آل عمران : ١٠٢.