وكما لا يكون ما بين حدّي الخطّ المستقيم إلّا خطّ واحد مستقيم وإن تعدّدت الخطوط الغير المستقيمة كذلك صراط الحقّ لا يكون إلّا واحدا مستقيما وهو «صراط الّذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين».
فإنّ صراطهم إمّا على جهة الإفراط ، أو على جهة التفريط ؛ بخلاف صراط المنعم عليهم ، فإنّ صراطهم في الوسط المستوي على الخطّ المستقيم الّذي يصل المارّ عليه إلى جنّة النعيم.
وكذا إن كان المعنيّ بالخطاب هو نفسه المقدّسة ولكن بتقدير الخافض كلمة «إلى» ؛ أي ليهدي إليك قومك ؛ كما فسّر به قوله : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (١) ، قال الرضا عليه السلام : وضالّا في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك (٢).
وحينئذ فـ «صراطا مستقيما» حال من «الكاف» ففيه دلالة صريحة على أنّه صلّى الله عليه وآله هو الصراط المستقيم ؛ إذ المتّبع له ، الملتزم لطريقته وسنّته يصل البتّة إلى الجنّة ، والمتخلّف عنه المنحرف عن شريعته يصلى الجحيم قطعا ، وقد قال الله له صلّى الله عليه وآله : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) (٣) وحيث كانت أخلاقه معتدلة وأحواله كلّها اعتداليّة كان هو الصراط المستقيم ، كما أنّ شريعته الجامعة أيضا كذلك ؛ كما قال : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤).
__________________
(١) الضحى : ٧.
(٢) بحار الأنوار ١٦ : ١٣٩.
(٣) هود : ١١٢.
(٤) المؤمنون : ٧٣.