والمراد بالّذين آمنوا هم الّذين ثبتوا على الإيمان ، وأقاموا على الطاعة في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وفيما بعد وفاته إلى أن ماتوا. ولذا قال «منهم».
و «من» للتبعيض ، فإنّ من هؤلاء الصحابة من لم يف بعهد الرسول بل خالفه ، وردّ عليه في قوله صلّى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه (١). فهذا الوعد لا يشمل جميعهم. كيف وقد ورد أنّ الناس ارتدّوا بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله إلّا ثلاثة أو أربعة (٢).
وفي بعض التفاسير : إنّ «منهم» للبيان وهو كما ترى تعصّب ضعيف البنيان.
والحاصل : أنّ هذا الوعد مخصوص بمن صدّق بجميع ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وآله لسانا وقلبا ؛ مع امتثاله جميع أوامره ونواهيه ، ثابتا على ذلك إلى آخر عمره ، وأمّا غيره ففيه عرق من الكفر.
توضيح ذلك على ما يستفاد من بعض أكابر المحدّثين في رسالته الّتي ألّفها في تحقيق معنى الإيمان والكفر : أنّ الناس على صنفين :
الأوّل : من لم تصل إليه الدعوة النبويّة ولو في بعض الأمور لعدم سماعه أو لعدم فهمه ، وهذا وإن كان كافرا كفر جهالة ، إلّا أنّه من المستضعفين الّذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (٣) ، فإن كان مقصّرا عوقب على
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٨٧.
(٢) إشارة إلى أحاديث منها ما في البحار ٦٧ : ١٦٤.
(٣) إشارة إلى الآية ٩٨ من سورة النساء.