قال في شرح الطوالع : وأجيب بأنّ الفعل في نفسه حركة أو سكون ، وكونه طاعة أو سفها أو عبثا اعتبارات تعرض للفعل بالنسبة إلى العبد ، فإنّها تعرض للفعل من حيث إنّه صادر عن العبد ، والله قادر على مثل ذلك الفعل. فتأمّل.
وكذا الكلام في أنّه تعالى هل يقدر على خلق الشرّ والظلمة ونحوهما ، فهو خالق الخير والشرّ ، وجاعل الظلمات والنور ، لعموم قوله : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) وقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (٢) وقوله : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) (٣) وقوله تعالى : (إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٤) وقوله في الحديث القدسيّ : خلقت الخلق ، وخلقت الخير ، فطوبى لمن أجريت الخير على يديه ، لا إله إلّا أنا ، خلقت الخلق ، وخلقت الشرّ ، فويل لمن أجريت الشرّ بيديه ، وويل لمن يقول كيف هذا ، وكيف ذاك ، أو لا يقدر إلّا على الخيرات والأنوار والنافعات ، ولا يقدر على خلق الشرور والظلمات والمضرّات والمؤذيات (٥).
كما هو مذهب الثنويّة والمجوس ، فإنّهم يقولون : لو كان الله قادرا على الشرّ خالقا له لكان شرّيرا.
__________________
(١) الزمر : ٦٢.
(٢) الأنعام : ١.
(٣) النبأ : ١٠.
(٤) النساء : ٧٨.
(٥) وجدنا ما هو قريب منه في بحار الأنوار ٥ : ١٦٠.